احمد الجارالله يكتب الإقليم يغلي والكويت تتخبط بالفساد نحتاج قرارات إنقاذية يا سمو نائب الأمير
الإقليم يغلي والكويت تتخبط بالفساد
نحتاج قرارات إنقاذية يا سمو نائب الأمير
بقلم أحمد الجارالله:
ملفات فساد تتفجر تباعًا كأن البلاد تسير في حقل ألغام، وتسريبات أمن الدولة سابقة خطيرة، وهجمة استجوابات لم يسبق أن شهدها فصل تشريعي بهذا الشكل، وحكومة تتخبط بالقرارات، أكان في ما يتعلق بمواجهة وباء “كورونا” أو في القضايا الأخرى، وانتخابات فرعية على عينك يا تاجر، ونواب يخوضون صراعاتهم الانتخابية بأدوات حكومية.
في المقابل الإقليم يغلي، والتهديدات الإرهابية تتكاثر، وطبول الحرب تقرع، والحديث عن تسويات يجري العمل عليها بالنار تارة والترغيب تارة أخرى، فيما قطار التطبيع مع إسرائيل انطلق خليجيًّا، ولا بد أنه سيقف في المحطة الكويتية، عاجلاً وليس آجلاً، والأوضاع الاقتصادية تزداد سوءًا، محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا.
ما يجري يمكن اختصاره بفوضى لا شك أن مآلاتها كبيرة جدًّا، وبالتالي لا بد من قرارات حاسمة حازمة، جريئة، ليس فيها أي مجال للعزف على أوتار الترضيات، وتلبية رغبات هذا أو ذاك، فالأمواج عالية جدًّا، وريح الإعصار بدأت تضرب، بينما في الكويت لا يزال هناك من يرى أن الأمور لا تستدعي أي تحرك يشكل حاجزًا يقينا التبعات السلبية لكل ما يحصل، وما يمكن أن تنتهي إليه التطورات.
الحكومة تنتظر أن يرضى عليها مجلس الأمة كي يمرر لها قانون الدين العام، الذي هو بالأساس حاجة وطنية ملحة لتعديل التصنيف السيادي وإطلاق عجلة المشاريع، والخروج من مأزق التردي المالي الذي أدخلتنا به سياسة “حب الخشوم” و”إطعام الفم كي تستحي العين”، فيما تلك العيون تبحلق باحثة عن أي فائدة يمكن اقتناصها حتى لو كانت على حساب الوطن ومستقبل المواطنين.
لا شك أن الجميع يدرك حساسية المرحلة، ولم يعد لدينا ترف الوقت كي نلهو بقشور الديمقراطية التي أفرغت من مضمونها في السنوات الماضية،مع مجلس أمة تخلَّى عن مهمته الأساسية وتفرغ للمماحكات، وحكومة لا تعرف كيف تدير أزمة صحية، نجحت غالبية دول العالم بمواجهتها بأقل الخسائر، بينما في الكويت تزداد الفاتورة ثقلاً إلى حد أن إقفال البلاد، ووقف المشاريع، وشل الحركة الاقتصادية أصبح عادة، بل ربما مبعث نشوة للحاكم العرفي الصحي.
لقد آن الأوان للتغيير، وأن تكون هناك جهة واحدة حاكمة، سلطة تنفيذية قوية تديرها القيادة السياسية، كي لا نصل الى يوم نبكي فيه على فرص ضيعها العبث باسم الديمقراطية، فنحن لسنا أفضل من فرنسا أو مصر أو الولايات المتحدة وغيرها من الدول التي أعلنت حال الطوارئ حين استشعرت أن الإعصار قادم عليها، بل إن بعض الدول التي تعيش الديمقراطية سلوكاً يومياً، وليس ترفاً انتخابياً كما هي الحال في الكويت، أوقفت العمل بالدساتير لفترة كي تعالج السلبيات التي تركها الصراع السياسي الداخلي، ولكي تحصن نفسها في مواجهة أحداث الخارج.
هذه الدول عملت وفقاً لما تفرضه الحقيقة، وليس النزعات الشخصية والمصالح الخاصة، ونحن في الكويت جربنا تعليق الدستور مرتين، في الأولى جرى تصويب المسار، رغم أن الحكومات التي كانت موجودة، وقتذاك، لم تكن على قدر كبير من استشراف المستقبل لتضع الخطط التنموية المناسبة، بينما في المرة الثانية سقطت الحكومة بامتحان المواجهة، وساعدت على انكشاف الوضع الداخلي، وهو ما اتخذه نظام صدام حسين حجة لتنفيذ مخططه الشرير، وغزو البلاد.
نعم، الكويت بحاجة اليوم الى تعليق العمل بالدستور، سنة أو سنتين، وإحداث ثورة قانونية تنسف كل الاهتراء الذي تسببت به ذهنية الابتزاز النيابي، وتفتح البلاد أمام المستثمرين، إضافة الى استغلال الفرص الاقليمية والدولية، للخروج من مأزق المراوحة في ما يتعلق بالتوجه الخليجي الجديد.
كل هذا لن يتحقق في ظل وجود مجلس أمة فاقد لأبسط قواعد العمل الوطني، وغارق في لعبة الابتزاز الوظيفي والتقاتل على حصص المشاريع، إنما المطلوب هو أن تتفرغ القيادة السياسية عبر السلطة التنفيذية إلى علاج كل ذلك، حتى لو استدعى الأمر إجراء عمليات جراحية مؤلمة، لأن تخليص الكويت من المرض أهم بكثير من مرضاة هذا أو ذاك.
في ظل وجود صاحب السمو الأمير، في الخارج للعلاج، أعاده الله سالماً معافى إلينا، فإن آمالنا معلقة بسمو نائب الأمير ولي العهد الأمين، حفظه الله، لإخراج البلاد من المأزق بقرارات الحزم والعزم.