مباحث لمراقبة الموظفين المتلاعبين!
مبارك حبيب ومحمد إبراهيم |القبس
بعد أن «طفح الكيل» جراء فشل الإدارات في ضبط عمل الموظفين وبفعل التكاسل والإهمال الوظيفي وضعف إنتاجية العاملين في جهات الدولة واعتبار كثيرين الوظيفة الحكومية «مجرد ملاذ آمن» للدخل الشهري والاستقرار، بادرت الحكومة إلى اتخاذ إجراءات جديدة مشددة لضبط الدوام ومعاقبة معطلي مصالح الناس.
وأبلغت مصادر مطلعة القبس أن وزارة الداخلية ممثلة في المباحث الجنائية دخلت على خط «الضبط والربط»، واتخذت خطوة غير مسبوقة بتوظيف رجال مباحث في بعض الجهات الحكومية الخدماتية، وذلك لمراقبة الموظفين، وضبط المهملين والمتكاسلين منهم.
وكشفت المصادر عن إحالة 600 موظف إلى النيابة العامة مؤخرا بتهمة تزوير «مرضيات» والتلاعب في البصمة، ويواجهون عقوبة قد تصل مدتها إلى
7 سنوات.
وحسب رصد القبس لأوضاع الجهات المعنية، فقد تبين أن 4 آلاف موظف في وزارة الأشغال ملتزمون بالبصمة، لكن كثيرين ينصرفون إلى منازلهم عقب التبصيم، والأمر نفسه يتكرر في جهات أخرى، فيما أنذرت وزراة الصحة العديد من العاملين في القطاعات الطبية بسبب الإهمال والتغيب.
وفي مجمع الوزارات تتجول فرق تفتيش بصفة شبه يومية للتأكد من التزام الموظفين وضبط المتحايلين على نظام البصمة.
في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى حشد الطاقات لتعزيز التنمية وتنويع مصادر الدخل وتحويل المؤسسات الحكومية من جهات يكبلها الروتين والبيروقراطية، إلى جهات تعمل بكامل كفاءتها وطاقتها، تصطدم خطط التطوير بالعنصر البشري، الذي يعتبر أن كثيرا من أفراد الجهة الحكومية التي يعمل فيها مجرد «وظيفة آمنة» ومصدرا شهريا مضمونا للدخل، ومن ثم يتسم الأداء بالتكاسل، والإنتاجية بالضعف، والجهاز الإداري والعملي بالترهل.
الكم الهائل من المرضيات سنوياً يكشف عن خلل في بعض جهات الدولة، وإقدام البعض على تزوير شهادات طبية وشرائها يدل على التفنن في التلاعب من أجل التغيب عن جهة العمل، واستحلال الراتب بلا جهد، فضلا عن كسر القانون.
القبس فتحت ملف «الموظفين المتكاسلين» واستطلعت الوضع عن قرب في جهات الدولة، وتبين أن مئات الموظفين أحيلوا إلى النيابة بسبب التلاعب في الدوام والبعض يواجه عقوبة السجن لمدة 7 سنوات بسبب تزوير مرضيات.
وكشفت مصادر القبس عن إجراءات صارمة لأول مرة بحق الموظفين المهملين والمتكاسلين عن أداء أدوارهم وماهو منوط بهم لخدمة المصلحة العامة، وجاءت هذه الإجراءات بعد إحالة أكثر من 600 موظف إلى النيابة العامة في عام 2016 والنصف الأول من 2017.
تزوير مرضيات
وقد لوحظ وقوف العديد من هؤلاء المتلاعبين أمام منصة القضاء، يرتعدون خوفا بسبب تزويرهم «مرضية» ليوم واحد أو أكثر، حيث تمت مواجهتهم بما لم يعملوا له حسابا، بعد أن طالبت النيابة العامة بحبسهم لمدة 7 سنوات بتهمة تزوير «محرر رسمي»، حيث ان القانون ينظر إلى الفعل وجرمه أياً كانت مدة الإجازة المرضية.
غير ذلك فإن التهمة الأخطر هي «اختلاس مال عام»، وهي التي تكون بسبب غياب أيام بلا عذر ، وبالتالي فإن السجن لامحالة سيواجه من تثبت عليه التهم من الموظفين الذين يحالون إلى المحاكمات.
وبالنسبة للإجراءات الأمنية، كشف مصدر مطلع لـ القبس ان هناك إجراءات اتخذت لأول مرة لمراقبة الموظفين المهملين، مؤكداً أن الموظف المهمل أخطر على الوطن من غيره.
واضاف المصدر: هذه الإجراءات تتمثل في إرسال عناصر من المباحث الجنائية إلى الجهات الحكومية للعمل لديها دون علم الموظفين الآخرين، حيث انهم يقومون برصد ومراقبة زملائهم المخالفين للقانون والذين يقومون بتزوير البصمة أو الذين يقومون بالتبصيم في بداية الدوام ويذهبون لإنهاء مصالحهم الشخصية ثم يعودون نهاية الدوام للتبصيم مرة أخرى ويذهبون إلى منازلهم.
وأكمل المصدر: في السابق كانت المراقبة تتمثل في انتظار أي جهة حكومية تتقدم بشكوى ضد بعض الموظفين غير الملتزمين، لكننا في الوقت الحالي ارتأينا اتباع خطوة توظيف عناصر من المباحث في الجهات الحكومية، خشية أن تكون هناك محاباة أو «طمطمة» من بعض المسؤولين عن الموظفين.
موظفو «السكنية»
وفي السكنية كشفت جولة القبس عن التزام العاملين في إدارة خدمة المواطن وقسم الاستقبال بالدوام الرسمي خلال شهر رمضان المبارك بنسبة 90 %، إضافة إلى قيامهم بتوفير كل الخدمات المطلوبة بشأن استقبال معاملات المواطنين الراغبين في التخصيص على القسائم السكنية لاسيما خيطان الجنوبي الذي يشهد اقبالا كثيفا.
وبينت الجولة – كذلك – هدوءا عاما في جميع أروقة الإدارات الأخرى مع التزام واضح من قبل مدير عام المؤسسة ونوابه في الحضور إلى مقر المؤسسة والعمل، اضافة إلى تغطية مكاتب من هم في إجازة بموظفين آخرين يعملون عنهم بالإنابة بهدف متابعة أعمال المشاريع القائمة. إلى ذلك أفاد مصدر في الشؤون الإدارية لـ القبس أن غالبية الغياب المسجل للعاملين في المؤسسة هي إجازة سنوية صادفت في فترة الصيف، إضافة إلى «مرضيات»، مؤكدا أن الإدارات التي تشهد غيابا في موظفيها تقوم بتوفير آخرين من زملائهم لسد العجز إن وجد.