فترات طويلة مرت على الشعب الكويتي كان ينتقل فيها وبسرعة غريبة من الفرح إلى الخوف ومن الابتسامة إلى الحزن والترقب وكأن بينهم وبين الراحة والسعادة عداء، فبعد المرافعة التاريخية الرائعة للشيخ صباح الخالد في مجلس الأمة والتي أعادت الإشراق للوجوه فجعنا بوفاة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، طيب الله ثراه، فدمعت العيون واعتصرت القلوب لفقده.
لم يرحمنا إخوان الشيطان فتصدرت الشائعات المسرح ورسمت سيناريوهات غريبة لمستقبل مظلم للدولة واجتهدوا لبث روح الفُرقة بين الشعب الكويتي وشعوب المنطقة والوطن العربي، ولا ننكر أن أيام العزاء كانت حزينة للغاية، ولمسنا مدى الخوف الذي جمع الكويتيين على البلد وأهلها ولولا هدوء القيادة والشعب وتكاتفهم لحدث ما لا تحمد عقباه.
نعلم يقينا أن هناك أيدي خبيثة تسعى جاهدة ولسنوات لضرب الكويت وشعبها في الداخل والخارج وبمساعدة أشخاص نصنف بعضهم كخونة، أما الصنف الآخر فهم من عبدة الدينار ومحبي المناصب، فتعاظم الفساد وتراجع نمو البلد وكثرت مشاكله.
يقول الأطباء: «الوعي بالمرض وأسبابه يساعد على سرعة التشافي» والمرض الطويل الذي عانت منه الكويت لا تخفى أسبابه الحقيقية على القيادة السياسية والشعب ولأننا نقف على أعتاب مرحلة جديدة فإن الكويت تستصرخنا لإعادة شبابها ونضارتها، وذلك لن يتحقق إذا استمرت الأساليب القديمة في الرؤى وفي سياسات التنفيذ.
الكويت الجديدة تحتاج لرؤية واقعية فاعلة بناءة تبنى على إستراتيجية جريئة لإنقاذ الكويت من نتائج التخبط السابقة، مع الحرص على الإبعاد التام لكل الوزراء والقياديين الذين أثبتوا فشلهم، ومحاسبة كل من تطاول على المال العام وإجبارهم على إرجاع ما تمت سرقته وإعادة كل ما تم توزيعه بغير وجه حق من أراضٍ زراعية وغـــيره، مع الحزم في تطبيق القـــانون والجدية في إعادة هيبته، والمــضي قدما في مجالات التنمية البشرية للكويتيين وفتح آفاق الإبداع والمنافسة الشريفة لهم مع التركيز الصادق في معالجة الخلل الكبير في التركيبة السكانية، وإلغاء حـــق وزير الداخلية في التجنيــس لما لحق بهذا الموضوع من شبهات أضرت بالمجتمع.
لا نشكك أبدا في حب أهل الكويت لوطنهم وتمسكهم بقيادتهم، ولكن قصص الفساد التي مرت عليهم والتي طالت كل قطاعات الدولة مع الاستهانة الغريبة بالشعب وتفضيل الوافدين عليهم وغير ذلك أدى إلى غضب عصف بالقلوب وشعور عميق بعدم الأمان مع الخوف من المستقبل، ولكن بناء الكويت الحديثة لن يتم بدون مشاركة الشعب، والذي سيشارك في انتخابات مجلس الأمة الجديد الذي اتضحت بعض نتائجه ضمن تشاوريات بعض القبائل وبجرأة تامة على القانون، وحتى 28 نوفمبر موعد الانتخابات المقبلة أتوقع في حال أن أثبتت الحكومة الجديدة جديتها في إدارة الدولة وشؤون المواطنين فإننا سنلمس تغييرا كبيرا في نتائج الانتخابات، وبما يساهم في بناء كويت جديدة وجميعنا في حالة ترقب لهذا المخاض، ونسأل الله سبحانه الرحمة والعون لوطننا الغالي.
