أحمد الجارالله يكتب: مشعل الحزم والمسار الجديد
لا شك أن ظروف الإقليم وتفشي وباء “كورونا” وطبيعة الوضع السياسي في البلاد خلال المرحلة الماضية، أثرت كثيراً على أداء السلطات الدستورية، خصوصا ذلك الخرق المفضوح لمبدأ الفصل بينها الذي مارسه مجلس الأمة فارضاً إرادته على الحكومة، وهو ما تسبب بأزمات عدة شهدنا انفجارها تباعا في الأشهر الأخيرة، وصورت البلاد على أنها مرتع للفساد والفاسدين.
نعم، لقد تداخلت السلطات الى حد أثار المخاوف شعبيا، وفيما أن مصنع القرار لا يتأثر بما يشاع، خصوصا في وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، إلا أن ذلك كان يؤثر نفسياً على مجلس الوزراء مجتمعاً، وكأن الذين يستخدمون تلك الوسائل يفرضون عليه رغباتهم.
اليوم، وبعد اكتمال أركان القيادة السياسية، عبر تولي صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد مسند الإمارة، وتزكية الأسرة الحاكمة الشيخ مشعل الأحمد لولاية العهد، فإن كل ما تحتاجه الكويت، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، بات جاهزاً للمسار الجديد أملاً بالتخلص من سلبيات تلك المرحلة، التي لسنا بصدد الحديث عنها تفصيلياً، إنما الأمانة تقضي التذكير بها، كي يأخذ الحسم والحزم مجراهما الطبيعي، في ظل قامتين كويتيين مشهود لهما بالحكمة، وسرعة اتخاذ القرار وعدم الرضوخ لطلاب المصالح الشخصية الانتهازيين.
نحن اليوم في بداية مرحلة لها سماتها الخاصة، لا سيما في عمليات الإصلاح المرجوة على كل الصعد، بعدما أنهكت السلطة التشريعية الدولة عبر قوانين مبنية على مصالح نواب كل همهم كيف يطيلون عمرهم في عضوية المجلس، حتى لو كان ذلك على حساب الأجيال القادمة والمال العام.
أهم ركيزة في نجاح هذه المرحلة لابد أن تكون الفصل بين السلطات، ومنع اختراق إحداها للأخرى، وأن تقف القيادة سداً منيعاً بوجه هذا الأمر، ولنا في سيرة أركانها الكثير من العلامات الدالة على الحزم في القرار، ولهذا فإن الكويتيين بدأوا تنفس الصعداء، آملين إخراجهم من الدوران في حلقة التراجع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي تسبب به سوء فهم معنى الحرية والديمقراطية، والاستقواء بوسائل التواصل الاجتماعي لتشكيل قوة ضغط شعبية، كان يتضح دائماً أنها مسيرة عبر مفاتيح تخدم هذا المتنفذ أو ذاك النائب، أو ذلك الوزير غير القادر على ممارسة دوره الطبيعي والحفاظ على الأمانة التي أوكلت اليه.
صحيح أن القيادة لها مرئياتها، إلا أن ذلك الضخ يخلق بلبلة شعبية، ويقدم خدمات مجانية للمصطادين بالماء العكر، حتى في الدول الأكثر عراقة ديمقراطياً من الكويت، مثل بريطانيا حيث مساحة الحرية اوسع بكثير، لكن يبقى القرار للحكومة، وكذلك في الولايات المتحدة الاميركية، فقد وصل تدخل تلك الوسائل بالشأن العام إلى حدود أبعد بكثير مما كان متوقعاً، غير أن قرار البيت الأبيض هو الفيصل، وكذلك الأمر في بقية دول العالم، لذلك كل المطلوب اليوم تعزيز ذلك الإيمان بالكويت، وهو ما حاول البعض زعزعته في المرحلة الماضية.
بارك الله في أميرنا الشيخ نواف الأحمد، الحازم الأمين، وبولي عهده الشيخ مشعل الأحمد الذي يقدم القانون على كل اعتبار آخر، والمؤمن بأن لا رفعة للوطن إلا من خلال الحزم والعزم وسرعة اتخاذ القرار.
أخيراً كمواطن محب لوطنه يسعدني كثيراً أن تدمج رئاسة مجلس الوزراء بولاية العهد لتعطي للسلطة التنفيذية مهابةً وتقديراً وقدرةً على الحركة، فلا تكون في مهب الاختراق النيابي.