350 ألف معارضة واستئناف تربك محكمة الرقعي والمسؤولون يستعينون بالشرطة!
في الوقت الذي عكست الأحداث الأخيرة، التي مر بها العالم تجاه انتشار فيروس كورونا، ضرورة تطبيق الخدمات للمتقاضين عن بعد، إلا أن الواقع العملي يكشف فشل المنظومة الإدارية التي تتولى ملف تقديم الخدمات عن بعد وعدم قدرتها على مواجهة التحديات، التي فرضها الواقع الجديد، رغم وجود التشريعات ومرور أكثر من 6 أشهر على انتشار الفيروس!
ذلك الفشل كشفت عنه المشاهد اليومية، التي يعيشها المتقاضي والمحامي من جراء الواقع الذي فرضته إدارة تنفيذ الأحكام بوزارة الداخلية من عدم رفعها لأي قيود عن معاملات المواطنين والمقيمين التي تتجاوز مئات الآلاف بسبب صدور أحكام غيابية او ابتدائية بالغرامة فيها او التعهد او الحبس، وهو الأمر الذي كان يرفع سابقا في حال وجود شهادات تصدر من جدول المحاكم الجزائية لينجز المتقاضون والمحامون عنهم المعاملات المتوقفة.
إلا أن إدارة تنفيذ الأحكام بوزارة الدخلية اتبعت نهجا مغايرا، قبل نحو شهرين، أربك جميع الإدارات والمتقاضين والمحامين، لاشتراطها تحديد جلسات لنظر تلك المعارضات أو الاستئنافات لرفع القيود، وهو الأمر الذي أدى إلى عدم قدرة المحاكم على مواجهة هذه المتطلبات الجديدة، خصوصا مع قلة عدد الموظفين الذين يعملون في ظل جائحة كورونا وما تتطلبه الإجراءات الصحية من ضرورة وجود مواعيد لدخول المتقاضين الى المحاكم!
ملفات التقاضي
وذلك رغم قدرة الوزارة وقيادييها ممن يتولون متابعة ملفات التقاضي في المحاكم على إيجاد الحلول لمواجهة تلك الكارثة، التي شلت عمل محكمة الرقعي، وأوقفت كل معاملات رفع الدعاوى القضائية على الاقل الاسبوع الماضي، مما دفع الوزارة الى الاستعانة برجال الأمن التابعين لوزارة الداخلية في مشهد غير مألوف لتنظيم حركة الدخول إلى جدول الجنح في محكمة الرقعي!
كما حددت الوزارة مع جمعية المحامين، وعلى نحو غير كاف لإتمام 35 محامياً فقط يوميا لإنجاز معاملات عن موكليهم لعمل المعارضات والاستئنافات، على أن يحضروا يوميا بتمام الساعة 7:30 صباحا لتسجيل اسمائهم، ولا تنجز اي معاملة لأي محامٍ آخر يزيد على ذلك العدد، علما بأن مركز التقاضي في جمعية المحامين أو أي جدول آخر في أي محكمة أخرى بكافة المحافظات لا يمكنها إنجاز أي من تلك المعاملات، وهو الأمر الذي يثير الاستغراب والدهشة ازاء الحلول التي يضعها المسؤولون في مواجهة هذه الكارثة الإدارية!
رفع الاستئنافات
وعلى الرغم من قدرة الوزارة ممثلة بمسؤوليها التنفيذيين على معالجة هذه القضية والسماح لجدول المحكمة الكلية برفع الاستئنافات والمعارضات مباشرة عبر الجدول وتحديد جلسات لها مباشرة، ولو لجلسات بعيدة بإمكان تقصيرها لاحقا بطلبات لرؤساء الدوائر القضائية إذا ما دعت الحاجة الى ذلك التعجيل، وكذلك إمكانية توزيع عملية رفع الاستئنافات والمعارضات للجنح في كل محاكم المحافظات بدلا من قصرها على محكمة الرقعي، اذ من غير العدالة الادارية ان ينجز موظفو محكمة الرقعي بأعدادهم المتواضعة حاليا كل هذه المعارضات والاستئنافات، والتي بالامكان توزيعها على كل محاكم المحافظات التي يتواجد بها موظفون على تلك الملفات وبالإمكان إنجازها.
مركز التقاضي
كما أن الواقع يفرض أنه إذا ما سمحت الوزارة لمركز التقاضي في جمعية المحامين بالقيام بالعديد من الأعمال التي يقوم بها موظفو الجدول فالمنطق يحتم كذلك تمكين جدول المحكمة الموجود في جمعية المحامين الكويتية للقيام بذلك، بدلا من ان يتم الضغط على إنجاز آلاف المعاملات الادارية المرتبطة برفع المعارضات والاستنئافات للجنح في مكان واحد وبفترة صباحية واحدة وبمواعيد محددة سلفا!
600 ملف
ولا يمكن أن يعتقد المسؤولون في وزارة العدل أن الجنح التي يرتكبها المواطنون او المقيمون ستنتهي بانتهاء هذه المعاملات المكدسة، إذ إن الواقع العملي يكشف عن تحويل الادارة العامة للتحقيقات أسبوعيا ما يقارب 600 ملف الى المحاكم، والتي بدورها تقوم بإصدار احكام غيابية في قضايا الجنح الصادرة عن مخالفات مرور او البلدية او التجارة او الصناعة او الاطفاء او الشؤون او البيئة او غيرها من المخالفات.
الطعن على الاحكام
ويتم إدخال تلك الأحكام بعد صدورها مباشرة عبر أجهزة تنفيذ الاحكام التابعة لوزارة الداخلية فتتوقف المعاملات عن المواطنين والمقيمين المرتكبين للوقائع، فبعضهم يلجأ الى السداد وتنجز معاملاته وهم قلة، والبعض الآخر وهم الاغلبية يلجأوون الى اجراء الطعن على تلك الاحكام، إما بالمعارضة او الاستنئاف امام المحاكم الجزائية ويحضرون شهادة بما يفيد ذلك الطعن وتحديد الجلسات لها، ومن ثم يعودون لرفع القيود ومباشرة معاملاتهم مجددا، الى ان تصدر الاحكام بتلك المعارضات او الاستئنافات.
الواقع الذي يشهده حال جدول محكمة الرقعي وغيرها من الادارات كالإعلان والحفظ وغيرها من الاقسام المسؤولة عن تقديم الخدمات المرتبطة بعمل المحاكم يستدعي من المسؤولين الوقوف عليها، لما لها من أثر سلبي على تعطيل عمل المتقاضي ومصالحهم وحقوقهم، ومنها حق التقاضي.
الخدمات الإلكترونية
وكان يتعين على المسؤولين النظر الى الوعود التي أعلنوا عنها من تقديم وفاعلية كل الخدمات الالكترونية في المحاكم ودور العدالة، الا أن تلك الخدمات لا يعمل فيها الا سداد رسوم كفالات الطعون وجدول المواعيد لإتمام الحجوزات للمتقاضين عبر منحهم مواعيد طويلة جدا لا تسمح بتحقيق متطلباتهم التي يكون عامل الوقت فيها مهما، فيضطرون الى طلب الاستثناءات والاذونات والالحاح غير المبرر من أجل إنجاز معاملات كانت الوزارة قد اعلنت عن إمكانية إنجازها وغيرها أونلاين!
الحقيقة التي لا يدركها المسؤولون أن 70% من تلك الجنح والمعارضات والاستئنافات تعود إلى قبل عام 2015، وبعضها يعود إلى عام 1995، أي أنها ووفق أحكام قانون الجزاء وأحكام محكمة التمييز الجزائية سقطت بالتقادم بمضي خمس سنوات، رغم أنها تتضمن حقوقا مالية للدولة، الأمر الذي يؤكد عدم صلاحيتها للنظر، مما يدعونا إلى مطالبة المسؤولين بسرعة حصر تلك المعارضات والاستئنافات والتقرير بأمرها.