الكويتي الثالث عربياً في مؤشر التفاؤل رغم التحديات الداخلية
يمتاز الاماراتيون بأكثر المحفزات الإيجابية عالمياً والتي تدفع المواطن الاماراتي للتفاؤل حتى على المدى البعيد. ويعتبر الاماراتيون أكثر شعوب الخليج والمنطقة العربية والعالم الذين ينعمون بالرفاه النفسي بالنظر للعوامل المتوفرة والتي تدعم التفاؤل للمواطنين حتى في أحلك الأزمات على غرار جائحة كورونا، حيث تعمل الدولة في الامارات على تعزيز الرفاه الصحي للمواطن وتوفير خدمات عن بعد وتقديم فحص مجاني لجل المواطنين دون استثناء من أجل مناعة شاملة لكل أفراد الشعب وليس الاكتفاء بفحص جزء عشوائي كما تتبعه بقية الدول، وهذا الاستثناء الاماراتي دلالة على حرص الحكومة على تعزيز الرعاية الصحية للمواطن، وهذا ما جعل الاماراتيون متقدمين في مؤشر أمل الحياة.
كما يدعم تفاؤل الاماراتيين تسارع وتيرة الاستثمار الحكومي والخاص في مستقبل بيئة أجيال الغد عبر التقدم في بناء عالم عصري يعتمد على الذكاء التكنولوجي من أجل اسعاد المواطنين، وكان قد تم انشاء وزارة للسعادة تعمل على توفير مقومات سعادة المواطن الاماراتي حاضرا ومستقبلاً، كما أنشأت حديثا وزارة تدعى “اللامستحيل” كهيئة حكومية غير مسبوقة عالمياً هدفها رفع تحديات كثيرة في المستقبل أبرزها الابتكار وتحويل الامارات الى وجهة عالمية للأعمال والتكنولوجيا وكانت قد صنفت أيضا كأفضل بلد تتوفر فيه جودة الحياة لأجيال المستقبل.
وتتنافس الامارات مع قطر في الاستثمار في أجيال المستقبل، الا أن تنظيم قطر لكأس العالم هو الدافع الأكبر الذي ضمن تقدم القطريين الطفيف على الإماراتيين كونه حدث عالمي لأول مرة ينظم في بلد عربي وسيجلب أنظار العالم لقطر طيلة شهر كامل، الا أن الامارات ستنظم أيضاً معرض اكسبو الدولي، وبذلك يبقى التنافس على تحسين مقومات حياة المواطن بين البلدين وهو ما يستفيد منه مواطنو الدولتين.
وفي حين لا تتوفر لا بالإمارات أو قطر أي نسبة تذكر للفقر، تبقى هناك تحديات طفيفة بالنسبة للإمارات فيما يتعلق بدعم توظيف المواطنين، تَحدٍّ لا تواجهه قطر بفضل تدني نسبة البطالة لديها التي لا تكاد تتعدى الصفر، وهذا يعود لمحدودية ضغط الطلب على العمل بسبب محدودية الحجم الديمغرافي القطري وهو ما يسهل استيعاب جل طالبي الوظائف على الأرجح.
وبالمقارنة مع قطر تتقدم الامارات أشواطاً كثيرة في رسم عالم أجيال المستقبل من ناحية المشاريع والبنى التحتية مع المراهنة على تعزيز التنمية البشرية وتنويع إيرادات الدخل والتخلي التدريجي عن الاعتماد على النفط وصنع مناخ حياة في المستقبل صديق للبيئة، وهو مسار بدأت تعمل على تحقق قطر أيضاً لكنها في المراحل الأولى. وبالتالي واعتمادا على مؤشرات كثيرة خاصة فيما يتعلق بالإجراءات والاستثمارات التي تعني بأجيال المستقبل، فان الامارات تتقدم على المدى البعيد في مؤشر التفاؤل على قطر بدعم من تعزز احتياطات الإمارات المالية الضخمة المخصصة لأجيال المستقبل في صناديق سيادية تجاوزت قيمتها التريليون دولار، حيث تعتبر بين أكثر دول العالم حيازة على احتياطات مالية تدعم الازدهار في المستقبل.
لكن بالنسبة لتفاؤل الاماراتيين القوي قد تحد منه أحيانا تحديات مستقبلية متحركة وغير ثابتة قد تقلق جزئا من الإماراتيين فيما بتعلق بتداعيات الصراعات الإقليمية وخاصة التهديدات المتأتية من إيران.
ويقدم الإصدار السنوي الثاني لمركز الخليج العربي للدراسات والبحوث دارسة تضمنت تصنيفاً عربياً جديداً يعرف بـCSRGULG Optimism Index لمحفزات التفاؤل على المديين القريب والمتوسط بين العرب وخاصة بين الشباب بالاعتماد على قياس مؤشرات مختلفة. وحسب النتائج التي توصلت اليها الدارسة، فان شريحة كبرى من المجتمعات العربية باتت لا تعتمد على احصائيات ووعود ومؤشرات حكومية فقط فيما يتعلق بالنظرة المستقبلية حول اتجاهات التنمية في البلاد، حيث تراجعت الثقة في السياسيين في عدد من الدول خاصة تلك التي تتعثر تنميتها باستمرار دون تحقيق نتائج تعود بالنفع المباشر على المواطن. وباتت شريحة كبرى استفادت من زيادة انتشار الهواتف الذكية والربط بالإنترنت تُقيّم وفق مقاييسها الخاصة النظرة المستقبلية للازدهار بدولها بفضل زيادة النفاذ الى المعلومات من مصادر مختلفة أكثرها غير حكومية ووفق محددات أبرزها محفزات التفاؤل أو التشاؤم.
وأخذت الدراسة بعين الاعتبار تأثير دائرة تداعيات جائحة كورونا الآخذة في الاتساع يوماً بعد يوم على محفزات التفاؤل إزاء النظرة لمستقبل الحياة في بعض الدول. وعلى أساس هذه النظرة الشاملة التي تتضمن مؤشرات مختلفة لقياسها، يزيد عدد المتفائلين أو ينقص عدد المتشائمين.
الهدف الرئيسي من مؤشر التفاؤل (CSRGULF OPTIMISM INDEX) أو اختصاراً (COI) هو مساعدة صناع القرار والقراء على فهم أن التفاؤل كمؤشر يمكن قياسه عبر مستويات مختلفة في الدول العربية كقياس رفاهية الإنسان ومستقبل الازدهار بالنظر الى معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي ومؤشرات التنمية البشرية. ويأخذ المؤشر في الاعتبار التغير في نصيب الفرد من الدخل وبالتالي محددات ظروف المعيشة كالفقر والبطالة إلى جانب المؤشرات اقتصادية وغير اقتصادية أخرى أبرزها نفسية. تنقسم المؤشرات الى 7 مؤشرات وهي الهجرة، اللجوء، البطالة، نصيب الفرد من الدخل، الفقر، الأمان وتوقع نسبة النمو بالإضافة الى مؤشرات أخرى ضمنية كمدركات الفساد والاكتئاب وأمل الحياة والابتكار والاستقرار السياسي والأمني أي عدم التعرض لتهديدات على المدى القريب والمتوسط بالإضافة الى مؤشر مهم جدا يتمثل في قيسا التبابين في الثروات والموارد المتاحة في الدول العربية والتي تمثل محركا للتنمية الباعثة على التفاؤل في حال الحكم الرشيد التي تتطلع اليه الشعوب العربية.
ومن خلال نتائج الدراسة تم العثور على سمات مشتركة معينة بين أفضل الدول التي تتمتع بمحفزات تفاؤل شعوبها. حيث يتمتع السواد الأعظم من سكان هذه الدول المحظوظة بإمكانية الوصول إلى الموارد الأساسية وفرص العيش الكريم مع زيادة ملحوظة في الناتج المحلي الإجمالي والاستثمارات الهادفة لتحسين جودة حياة احيال المستقبل مع تحسن البنى التحتية التي تحث بقوة على الابتكار ومعظم هذه المؤشرات مرتبطة باستمرار الاستقرار السياسي.
وفي المقابل، هناك سمات مشتركة أيضا بين البلدان الأقل توفيرا لمحفزات التفاؤل. اذ أن معظمها لديها معدلات عالية من الهجرة إلى الخارج، وانخفاض في الابتكار، وانخفاض إمكانية الوصول إلى الموارد الحيوية، وتذبذب نسبيًا في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
وقد تم ملاحظة زيادة تدفقات المهاجرين غير الشرعيين من دول عربية في أوج انتشار الوباء ما يعكس عدم اكتراث جزء كبير من العرب خاصة فئة الشباب بمخاطر الوباء في ظل تردي الأوضاع المعيشية وفقدان الأمل في تغيير ايجابي وسريع يحسن من حياتهم أو يفتح أفقاً لتغيير إيجابي، وتم رصد زيادة تدفقات المهاجرين غير الشرعيين خاصة من تونس وليبيا والمغرب والجزائر ومصر ولبنان وسوريا واليمن والسودان.
وتجدر الإشارة إلى أنه من الصعب احصاء عدد العرب في الخارج بعد وجود ملايين من الشتات العربي لم يتم احصائهم رسميا في تقديرات الجاليات بسبب طريقة قدومهم واقامتهم غير الشرعية في دول أجنبية وهو ما يزيد من تعميق أزمة المهاجرين ويضطر الحكومات الى الإسراع بمعالجة أسباب الهجرة غير النظامية. فعلى سبيل المثال، لا تستطيع كل من تونس ومصر والمغرب والجزائر إحصاء عدد جالياتها في الخارج بشكل دقيق حيث يوجد ملايين غير مدرجين في الإحصاءات الرسمية للجاليات لكونهم مقيمون بصفة غير قانونية.
وتباين ترتيب شعوب منطقة المغرب العربي والشرق الأوسط حسب مؤشرات كثيرة، في حين تصدر أغلب الخليجيين مؤشر التفاؤل عربياً على المديين القريب والمتوسط، الا أن تحديات التغيرات المناخية وتداعياتها القاسية على دول الخليج قد تحد من نظرة التفاؤل على المدى البعيد ان لم تسارع حكوماتها في التأقلم والاستجابة لمتطلبات تغيرات المناخ التي تحدث بوتيرة أسرع من التوقعات الحكومية، وهو ما قد يمثل احدى أهم المخاطر المستقبلية أمام أجيال المستقبل.