الحكومة تطعن أمام «التمييز» على حكم إبطال «فوائد الاستبدال»
علمت «الأنباء» أن إدارة الفتوى والتشريع طعنت أخيرا أمام محكمة التمييز بحكم قضائي بارز صدر من محكمة الاستئناف بإلغاء الفائدة التي تفرضها مؤسسة التأمينات الاجتماعية على مبلغ الاستبدال الممنوح للمتقاعدين، مع احتساب المبلغ الذي تسلمته المؤسسة من مواطنة متقاعدة سدادا لأصل الاستبدال، واسترداد ما تم استقطاعه منها بالزيادة حتى تمام التنفيذ.
ونقل مصدر أن الدائرة المدنية بمحكمة التمييز برئاسة المستشار عادل العيسى، استجابت لطلب دفاع الحكومة بوقف نفاذ الحكم لحين الفصل بالطعن، مشيرا إلى أنه سيتم قريبا تحديد جلسة لنظره.
أموال المستفيدين
وذكرت المحكمة بحيثيات حكمها أن أموال أنظمة التأمينات الاجتماعية من اشتراكات وعوائد استثمارها هي أموال مخصصة للمستفيدين من نظام التأمينات الاجتماعية، مشيرة إلى أن هذه الأموال ما هي إلا أموال موقوفة لمصلحة المستفيدين، لذا فهي لا تختلط بغيرها من أموال الدولة ولا تشملها الميزانية العامة للدولة ولا تلحق بها.
وأوضحت المحكمة أن طبيعة العلاقة بين المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية والمؤمن عليهم ليست علاقة تجارية، فالمبالغ التي تقوم المؤسسة بأدائها لأصحاب المعاشات التقاعدية والمؤمن عليهم ليست قروضا وفقا للمعنى المتعارف عليه إنما هي استبدال نقود بحق المؤمن عليهم وأصحاب المعاشات في معاشاتهم التقاعدية على النحو الوارد صراحة في نص المادة 77 من قانون التأمينات الاجتماعية.
وأضافت أن هذه النقود محل الاستبدال ما هي في حقيقتها إلا اشتراكات شهرية سبق خصمها من طالب الاستبدال أثناء حياته الوظيفية وقبل إحالته للتقاعد، فهي مبالغ سبق وأن حصلت عليها المؤسسة ممن يطلب استبدال نقودا بحقه في معاشه التقاعدي ومخصصة لصالح المستفيدين من نظام التأمينات الاجتماعية.
وذكرت المحكمة أن الاستبدال لا يكون إلا من المعاش التقاعدي الفعلي أو الافتراضي، فهو نظام تقوم به المؤسسة ولا تستهدف منه الربح ويجري فحصه اكتواريا كل ست سنوات وفقا للمادة 78 مكرر من قانون التأمينات الاجتماعية للتأكد من وضعه المالي، بحيث إذا أسفر عن فوائض جاز توزيعها على المستبدلين، أما إذا أظهر الفحص عجزا وجب على الخبير الاكتواري توضيح سبب هذا العجز والوسيلة الكفيلة لتلافيه.
تقاضي الفوائد
وأضافت: «أي أن مؤسسة التأمينات الاجتماعية لا تستهدف ربحا ولا تمنح قروضا لأصحاب المعاشات التقاعدية أو المؤمن عليهم، ومن ثم لا يجوز لها أن تتقاضى ثمة فوائد قانونية عن مبالغ الاستبدال التي يتم صرفها لأصحاب المعاشات التقاعدية، فمنح القروض وفقا لصريح نص القانون رقم 32 لسنة 1968 بشأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهنة المصرفية للبنوك، تختص به البنوك التقليدية والمتخصصة وفقا للمواد 54 و76 و86 من هذا القانون، ومن ثم يمتنع هذا النشاط خارج هذا النطاق على المؤسسات الحكومية بغير نص في قانون إنشائها وبخلاف أغراضها بأن تمنح قروضا للمواطنين بفوائد أو من دونها، كما أنه لا يوجد نص بقانون التأمينات يقرر منح قروض للمستفيدين من أحكامها».
وأشارت المحكمة إلى أن ما تمنحه مؤسسة التأمينات ليس قرضا إنما هو استبدال نقود بحق المؤمن عليه بمعاشه التقاعدي، لذا لا يجوز للمؤسسة أن تحصل على ثمة فوائد عن مبالغ الاستبدال، لافتة إلى أنه ينبغي عند تطبيق نظام الاستبدال مراعاة مقاصد الشريعة الإسلامية وأحكامها فيما يقوم عليه هذا النظام من التكامل والصلة والتراحم، دون أن ينال من ذلك القول بأن عدم حصول المؤسسة على مبالغ تزيد عن مبلغ الاستبدال سيؤثر على مستحقات المستفيدين من أموال التأمينات.
جواز الاستبدال
وأكملت أن نص المادة 77 من قانون التأمينات الاجتماعية قد جعلت نظام الاستبدال جوازيا لمؤسسة التأمينات فإذا ارتأت أن هذا النظام سيؤدي إلى إنقاص أموال المستفيدين وأصحاب المعاشات فإن لها أن ترفض استبدال نقود بحقوق أصحاب المعاشات والمؤمن عليهم، بل إن المادة 78 من ذات القانون أوجبت على المؤسسة أن تقوم بفحص المركز المالي لنظام الاستبدال مرة على الأقل كل ست سنوات حتى تستبين الموقف المالي له وذلك بمعرفة خبير اكتواري يعينه مجلس الإدارة، ولا شك أن للمؤسسة في هذه الحالة أن ترفض طلبات الاستبدال خلال فترة معينة حتى يتحسن المركز المالي لنظام الاستبدال إذ أنه نظام اختياري يخضع لسلطتها التقديرية، كما أن القانون المدني قد أبطل الفوائد القانونية على مبلغ القرض واجب أن يرد المثل عند حلول الأجل.
ولفتت المحكمة إلى أن الثابت أن المستأنفة قد حصلت على استبدالين من المؤسسة في 26 مايو 2016 الأول بمبلغ قدره 17 ألف و93 دينارا والثاني بمبلغ 5840 دينارا، وقامة المؤسسة بخصم أقساط هذين الاستبدالين بعد حساب فوائد عن مبالغ الاستبدال، وتقدمت بطلب إلى المؤسسة لإلغاء الفوائد المقررة على مبلغي الاستبدالين دون جدوى، الأمر الذي يكون معه قرار المؤسسة السلبي بالامتناع عن إلغاء الفوائد المقررة من قبل المؤسسة على مبلغي الاستبدالين الأصليين غير قائم على سند صحيح من القانون مما تقضي معه المحكمة بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار أخصها استرداد ما تم استقطاعه بالزيادة منها حتى تمام التنفيذ.
مطالبة المدعية
وجاء هذا الحكم بعدما تقدمت المواطنة بدعواها طالبة إحالة أوراقها إلى إدارة الخبراء لحساب قيمة المبالغ الإجمالية التي استقطعتها المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية منها عن قروض استبدالها السابقة وبيان الفوائد المفروضة عليها وحساب المبلغ الإجمالي الذي سيستقطع منها عند انتهاء فترة التقسيط عن قرض استبدالها جزء من معاشها المؤرخين في 26 مايو 2016 وحتى 1 مايو 2031 وبيان الفوائد التي قرضتها المؤسسة على مبلغ القرضين الأصلي.
وذكرت المدعية أنها متقاعدة وتستحق معاشا شهريا من المؤسسة مقدراه 1332 دينارا، وفي تاريخ 26 مايو 2016 استبدلت مبلغين من المؤسسة الأول قرضا قيمته 17 ألف دينار على أن يتم السداد على أقساط تستقطع شهريا من معاشها بواقع 162 دينارا لمدة 15 عاما، مشيرة إلى أن المؤسسة فرضت عليها فوائد ربوية فاحشة دون وجه حق تبلغ 12 ألف دينار.
وأضافت المدعية أن الاستبدال الثاني فكان قرضا قيمته 5840 دينارا يتم سداده على أقساط تستقطع شهريا من معاشها بواقع 55 دينارا لمدة 15 عاما، لافتة إلى أن المؤسسة فرضت عليها فوائد ربوية فاحشة دون وجه حق بمبلغ 4126 دينارا.
وطالبت بالحكم لها ببطلان الفائدة المفروضة على قرض استبدال معاشها المؤرخ في 26 مايو 2016 حتى 1 مايو 2031 باعتباره مدينا وفق المادة 305 مدني، وباسترجاع ما دفع بالزيادة كفائدة على قرض الاستبدال من تاريخ 26 مايو 2016 وحتى تاريخ رفع الدعوى وما يستجد منها وحسابه سدادا للقرض الأصلي وتخفيض القسط الشهري ليتناسب مع القرض فقط، مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل.
الهاشم: إصدار تشريع باعتماد مبادئ الحكم
تعليقا على الحكم، قال وكيل المدعية المحامي صلاح الهاشم، لـ «الأنباء» إن استصدار تشريع باعتماد مبادئ هذا الحكم ليشمل كل متقاعد متشابه في مركزه القانوني مع من صدر الحكم لصالحه هو السبيل الوحيد لتطبيق عدالة القانون كما أرادها المشرع.
وأشار الهاشم إلى أن إلزام أكثر من 100 ألف متقاعد باللجوء إلى القضاء لتطبيق ذات مبادئ الحكم عليهم ليس في صالح سير العمل القضائي، مشيرا إلى أن هذا يسبب إرباكا وإشغالا للقضاء وأجهزته.