مشاركون في «ملتقى البرلمان 2020»: المرحلة القادمة حاسمة وتحتاج إلى رجالات دولة أكفاء في السلطتين لتحقيق الإصلاح
اختتم ملتقى البرلمان الافتراضي 2020 والذي ينظمه معهد المرأة للتنمية والسلام جلساته بعقد الجلسة السادسة التي حملت عنوان «الدور الحكومي ما له وما عليه» وأدارها القائم بأعمال رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الكويت د.ابراهيم الهدبان بحضور رئيسة معهد المرأة للتنمية والسلام المحامية كوثر الجوعان والتي شارك فيها كل من النائب السابق علي الخلف والنائب والوزير السابق المحامي د.أحمد المليفي والمستشار الاقتصادي عامر التميمي.
وفي البداية، أوضح النائب السابق علي الخلف أن التقويم الحقيقي للإصلاح يكون بحسن اختيار أعضاء الحكومة، موضحا ان عضو مجلس الامة دوره تشريعي، وبالتالي، فإن دوره الرقابي يتقلص اذا كانت هناك حكومة على قدر المسؤولية، مشيرا الى ان المواطن الكويتي يتضرر اليوم من الاختيار القبلي والطائفي والذي تنعكس نتائجه بشكل سلبي على أرض الواقع.
وأكد الخلف أن علينا أن نبتعد عن الفئوية والقبلية والطائفية في اختيار الوزراء، مطالبا بإقالة أي وزير لا يقوم بأداء عمله بالشكل المطلوب او يقوم بعمل أي تجاوزات خلال حمله للحقيبة الوزارية، مؤكدا انه على ثقة برئيس مجلس الوزراء ان ينفذ كل ما ورد في خطابه القيم خلال المرحلة القادمة.
وشدد الخلف على ضرورة ان الكويت على أهبة الاستعداد لأي ظروف أمنية واقتصادية قادمة.
من ناحية اخرى، أكد الخلف ضرورة حسن الاختيار في الانتخابات البرلمانية القادمة وأن يكون اختيار الناخبين للمرشحين مبنيا على الكفاءة ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب.
من جانبه، ذكر النائب والوزير السابق المحامي د.أحمد المليفي أن خطاب سمو رئيس مجلس الوزراء حمل عناوين جميلة للتنمية والتطوير ولكن الإشكالية تكمن في كيفية تنفيذ تلك العناوين وكيفية وضع الخطط التنفيذية والتشغيلية لتحقيق تلك الأهداف.
وأفاد المليفي بأن القضية ليست قضية وزراء إنما رجال رئيس الوزراء، مؤكدا أنه يجب أن يكون لرئيس مجلس الوزراء فريق متفرغ ومتخصص في رسم تلك الخطط والأهداف، مشيرا إلى مستشاري رئيس الوزراء الذين يضعون الأهداف والخطط والاستراتيجيات ثم يأتي بعد ذلك دور الوزراء في تنفيذ تلك الخطط، وبحكم تجربتي أرى أن وكلاء الوزارة والوكلاء المساعدين أقوى وأهم من الوزير.
وأكد أن الإصلاح لا يتم من خلال إلغاء الوزير الجديد لجميع خطط وقرارات الوزير السابق وإنما استكمال ما بدأه الوزير السابق والإضافة عليه لتحقيق الأهداف المنشودة.
ومن ناحية أخرى، أكد المليفي على أهمية الديموقراطية الكويتية والتي لا تعتبر وليدة الساعة ولا وليدة دستور 1962 وإنما الديموقراطية بدأت مع بداية نشأة الكويت وبدأت مع كتلة وطنية كانت تعمل عام 1938 لنظام ديموقراطي متكامل يقوم على دولة مؤسسات تهتم بالاقتصاد وتطوير التعليم.
وذكر المليفي أن الديموقراطية تمنع الانفجار في المجتمعات من خلال بث المواطن لشكواه إلى النائب الذي ينقلها بدوره إلى مجلس الأمة وإلى الصحافة، فضلا عن أن الديموقراطية تحقق الأمن والاستقرار للمجتمعات، مؤكدا أن الديموقراطية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتنمية وأي مجتمع يقال إن به ديموقراطية ويفتقد التنمية إذن فهناك خلل.
وتحدث المليفي عن أهمية مخرجات النظام الديموقراطي، موضحا أنه حتى يكون النظام الديموقراطي قادرا على أن يصبح شريكا في التنمية وداعما لها ويكون ذا رقابة فاعلة وتشريع ناجز يجب أن تكون مخرجات البرلمان على مستوى عال.
وقال إنه نظرا لأن المواطن هو المسؤول عن مخرجات البرلمان فلابد من الاهتمام به وبتعليمه وألا نجعله لا يملك خيارا إلا التوجه إلى مؤسسة القبيلة أو الطائفة أو المصلحة، مؤكدا أن ذلك يتطلب من السلطة تحقيق العدالة في المجتمع.
وتابع: ومن وجهة نظري أن من يحمل الراية في الإصلاح ومن يمثل رأس الحربة في الإصلاح هي الدولة وليس الفرد فهي من تملك السلطة والقدرة على التغيير، موضحا أن هناك دورا للسلطة التشريعية ولأصحاب الرأي والمثقفين في المجتمع ولكن يبقى للدولة الدور الأكبر، مشددا على أهمية دور الحكومة في عملية الإصلاح وكذلك أهمية دور السلطة التشريعية في اقتراح القوانين.
وأشار المليفي إلى أنه بالرجوع إلى تاريخ الديموقراطية في الكويت وهذا التميز الذي كانت تتميز به منذ الثلاثينيات سنرى أننا اليوم نعيش في «ردة سياسية وفكرية» نتيجة لما نشاهده على الساحة السياسية اليوم وأطروحات بعض نواب مجلس الأمة سواء تحت قبة البرلمان أو قبل عقد الانتخابات.
ولفت إلى أن تلك الردة ليست وليدة اليوم وإنما نتيجة لممارسات طويلة منذ التسعينيات عندما قيمت الديموقراطية والوطنية «بالدينار» بما قتل الروح الوطنية.
وذكر المليفي أن الشعب الكويتي لديه قدرة كبيرة على التغيير وروحه الوطنية راسخة ولكنه يحتاج إلى من يرفع له الراية، مؤكدا أن لدينا طاقات شبابية وأفكارا وطنية قادرة على أن تتصدى للمسؤولية وتضع الحلول وليست العناوين العريضة وإنما تفاصيل تلك العناوين، محذرا في الوقت ذاته من أن التمادي والتراخي ستكون تكلفته عالية.
وبدوره، أوضح المستشار الاقتصادي عامر التميمي أن المشكلة التي نحن بصددها حاليا هي مشكلة هيكلية، مشيرا إلى أن الواقع الاقتصادي له انعكاسات عدة على الحياة السياسية والقيم المجتمعية.
وذكر التميمي أنه منذ بداية الخمسينيات ومن بعد تصدير أول شحنة نفط من الكويت في عهد المغفور له الشيخ أحمد الجابر في يونيو عام 1946 أصبح الاعتماد الأساسي في الحياة الاقتصادية على دور الدولة والإنفاق العام، وبالتالي فإن السياسات المالية والاقتصادية حولت الاقتصاد الكويتي إلى اقتصاد ريعي ودعمت مفاهيم الاعتماد والاتكالية بين المواطنين وقتلت روح المبادرة بين الكثير منهم بما جعل النظام السياسي الذي تأسس في بداية ستينيات القرن الماضي نظاما شعبويا ومازال هذا النظام قائما حتى الآن وأصبح المواطن يعتمد على عضو مجلس الأمة لإنجاز معاملاته وحصوله على منافع معينة.
وتابع: كما شاهدنا في الأزمات التي مرت بها الكويت سواء في السبعينيات أو أزمة المناخ أن الحكومة تدخلت لدعم عمليات اقتصادية غير مشروعة، لافتا إلى أن المبادر يفترض أن يدرس المخاطر التي قد تنجم عن مشروعه ولكن ما يحدث هنا في الكويت أن أي شخص يتعرض لمخاطر مالية أو اقتصادية يذهب إلى الدولة لدعمه وحل مشاكله وهذا ما حدث في الكثير من المنعطفات الاقتصادية الكويتية.
وذكر التميمي أن هذه الاتكالية لا تجعل المواطنين قادرين على المساهمة في الحياة الاقتصادية أو اختيار أعضاء بمجلس الأمة مهمتهم الرقابة والتشريع وحماية المال العام والتي أصبحت في آخر أولوياتهم حيث أصبحت أولوياتهم تحقيق المنافع والاستحواذ بقدر الإمكان.
وأفاد التميمي بأن هناك مشاكل أخرى متعلقة بالتهاون في تطبيق القانون نظرا لأن هناك الكثير من التجاوزات التي تحدث وتدخلات من بعض أعضاء مجلس الأمة أو لاعتبارات أخرى، وبالتالي فإن الكثير من قضايا الفساد التي مرت على الكويت لم تتم معاقبة المسؤولين عنها حتى اليوم.
وذكر التميمي أن هناك مشكلة تتعلق بالدعم، مشيرا إلى أن الدعم اليوم يوفر للمواطنين خدمات شبه مجانية مثل دعم الماء والكهرباء وبدلا من وضع نظام قائم على تحديد شرائح وكلما زاد الاستهلاك زادت التكلفة على المواطن هذا يعطي المواطن فرصة لتحسين التزاماته الاجتماعية ويجعله مسؤولا عن تصرفاته بشكل أكبر، مؤكدا أنه لن يكون هناك التزام تجاه الخزينة العامة للدولة من المواطنين، إلا إذا كان هناك فرض خدمات بأسعار مناسبة وبشرائح تؤدي إلى الحد من الاستهلاك.
وطالب التميمي بفرض نظام الضرائب على المداخيل وهذا متبع في كثير من دول العالم، بحيث كلما زاد الدخل ترتفع نسبة الضريبة بما يعطي فرصة لتعزيز المسؤولية بين المواطنين ويدعم مسؤولية المواطن تجاه الدولة.
وتحدث التميمي عن قضية النظام البرلماني والانتخابي، موضحا أن أي نظام ديموقراطي لا تتوافر به الأحزاب وعملية تداول السلطة لن يكون نظاما عقلانيا أو مفيدا للبلد.
وأضاف قائلا: في الكويت حاليا نرى أن كل عضو يمثل نفسه وبالتالي لدينا داخل مجلس الأمة تقريبا 50 حزبا ويتطلب الوضع وجود نظام انتخابي مختلف يعتمد على أنظمة القائمة الانتخابية وتكون هناك أحزاب سياسية ملتزمة بالدستور بما يحد من الانتماءات الفئوية والقبلية والطائفية، نظرا لأن تلك الانتماءات وجدت في البلد لأن الكثير من أبناء القبائل والطوائف يعتقدون أنهم يعيشون في حماية بظل زعاماتهم القبلية والطائفية ولو وجد نظام سياسي مختلف يعتمد على النظام الحزبي الديموقراطي سيكون الوضع أفضل بكثير شريطة أن تكون أحزابا علنية خاضعة للقانون ومعروفة الموارد وان تقوم الدولة بمراقبة سلوك تلك الأحزاب.
وأشار التميمي إلى أن هناك عنصرا مهماً تم إهماله في الكويت وهو التعليم، قائلا «نعم لدينا تعليم ومخرجات بأعداد كبيرة جدا من التعليم ولكن مشكلة التعليم تتعلق بنوعيته وجودته، مشيرا الى أن الكويت اليوم تحتاج الى الاهتمام بالتعليم المهني».
وتابع: الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب الذي يفترض أن تخرّج المهنيين أصبحت جامعة موازية لجامعة الكويت بجودة أقل، مشددا على ضرورة الاهتمام بتوفير كوادر مهنية في مختلف المجالات.
وذكر التميمي أن الحديث عن خلل التركيبة السكانية ووجود أعداد كبيرة من الوافدين جاء نتيجة غياب مشاركة العمالة الوطنية في سوق العمل، لافتا الى أن العمالة الوطنية في سوق العمل لا تمثل الا 13% فقط من إجمالي القوى العاملة في الكويت، مشيرا الى أن 75% من العمالة الوافدة في الكويت هامشية غير متعلمة وغير مدربة والكثير منها تكسب مهنيتها داخل الكويت.
وأوضح التميمي أن الكويت تعتمد بالدرجة الأولى على الايرادات النفطية التي تمثل 90% من ايرادات الخزينة العامة وهذا الوضع لن يتغير الا اذا تحولنا الى الاقتصاد المعرفي الذي يرتبط في المقام الاول برفع جودة التعليم بما يخلق مواطنا قادرا على صنع الثروة وليس الاستحواذ على ثروة الوطن الريعية.
وأكد التميمي أن على مجلس الوزراء ان يمارس الدور المنوط به كما ورد في المادة (123) من الدستور الكويتي والتي تنص على ان «مجلس الوزراء يهيمن على مصالح الدولة ويرسم السياسة العامة للحكومة ويتابع تنفيذها ويشرف على سير العمل في الادارات الحكومية»، مؤكدا ان تحقيق ذلك الامر يعتمد على اختيار وزراء أكفاء املا ان يكون لدينا الفترة القادمة مجلس وزراء نوعيا يستطيع ان يرفع الكويت من اوضاعها الراهنة ويحدث نقلة نوعية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.