استدامة دولة الرفاه لأجيال المستقبل غير ممكنة دون تضحية الجيل الحالي
حذرت ورقة بحثية جديدة بعنوان «قبل فوات الأوان» أعدها 29 أكاديميا متخصصـــــا في علوم الاقتصاد والإدارة بجامعة الكويت من أن الكويت مقبلة على كارثة اقتصادية واجتماعية ستفضي إلى تغير جذري ودائم في حياة الكويتيين ما لم تتبن الدولة إصلاحات اقتصادية تعالج جذور الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد، مشددة على أن استدامة دولة الرفاه لأجيال المستقبل غير ممكنة من دون تضحيات يقدمها الجيل الحالي قبل فوات الأوان.
ولخصت الورقـــــة المنشورة في موقع «كويت امباكت» (KuwaitImpakt.com)، المتخصص في نشر الأوراق والدراسات المتعلقة بالسياسة العامة في الكويت، رؤية شاملة لتصحيح المسار الاقتصادي، مبينة أن الاقتصاد الكويتي يفتقر إلى التنويع باعتماده شبه الكلي على الإيرادات النفطية، وما يترتب عليه من اختلالات هيكلية أخرى في المالية العامة وسوق العمل، والتي بدورها لا يمكن فصلها عن ضعف النظام التعليمي واختلال التركيبة السكانية.
وقال د.عبدالرحمن الطويل، أحد الأكاديميين التسعة والعشرين الموقعين على الورقة، «ان الأزمات المتتالية كانهيار أسعار النفط من 100 إلى 30 دولارا في غضون سنوات قليلة وتراكم العجز بميزانية الدولة إلى 28 مليار دولار، إضافة إلى الحاجة لخلق 300 ألف فرصة عمل لاستيعاب الخريجين الكويتيين خلال الخمسة عشر سنة القادمة، تحتم علينا الإسراع بتصحيح المسار والتكيف مع التحديات المقبلة، ولذلك ارتأينا نحن مجموعة من الأكاديميين المتخصصين ضرورة قرع جرس الإنذار للتنبيه إلى خطورة الاستمرار بنفس النهج، ووضعنا تصورات لاتجاهات الإصلاح، نأمل أن تخلق حوارا وطنيا عاما أساسه المصارحة حول أسباب الخلل ومتطلبات الإصلاح».
وقدم الأكاديميــــون التسعة والعشرون تصورا من خمسة محاور للإصلاح الاقتصادي الشامل تضمن عددا من المقترحات لبناء اقتصاد متنوع عبر إيجاد مصادر دخل مساندة للثروة النفطية تبدأ بإعادة تأهيل القطاع الخاص ليكون ذا قيمة مضافة للاقتصاد وتطوير دوره لتحقيق الأمن الغذائي والصحي، كما طالب الأكاديميون التسعة والعشــــــرون من الحكومة باستقراء الاتجاهات المستقبلية للاقتصاد العالمي وتطوير القطاعات التي تحقق للكويت موضعا تنافسيا فيها كتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات والاقتصاد الرقمي مع الانفتاح على الأسواق الإقليمية المجاورة لتوسيع قاعدة التبادل التجاري وتحقيق المنفعة الاقتصادية المشتركة.
وحول إيجاد مصادر دخل مساندة للثروة النفطية، قال الطويل «على الحكومة وضع خطط خمسية باتجاه تقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية لتمويل الموازنة العامة واستحداث مؤشرات قياسية لإحلال الإيرادات غير النفطية محل النفطية، مما يتطلب تحديث معدلات الضريبة على أرباح الشركات ورسوم الانتفاع بأملاك الدولة، كما أنه لابد من تطوير المنظومة الضريبية لاستحداث ضريبة تصاعدية على الدخول العالية وضرائب انتقائية على السلع المضرة للصحة والبيئة».
كما عرضت الورقة ركائز رئيسة لتصحيح المسار تمثلت في بناء اقتصاد مستدام عبر ترشيد استغلال الثروة النفطية وتنويع القاعدة الإنتاجية لاستمرار الرفاه الاقتصادي للجيل الحالي ولأجيال المستقبل، يرافقه نهج جاد لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية حتى تستعيد الحكومة ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة قبل البدء بأي مشروع لإصلاح المنظومة الاقتصادية.
وحول تعزيز الشفافية، أجمع الأكاديميون التسعة والعشرون في تقريرهم على أنه لابد من تطوير قواعد الموازنة العامة وتضمينها تحليلا اقتصاديا للوقوف على مدى تحقيقها لأهداف التنمية واستدامة الاقتصاد، مؤكدين في الوقت ذاته ضرورة الاسترشاد بالدليل العلمي عبر تطوير آلية جمع البيانات وتحديثها ونشرها.