نظرا لطبيعتها ذات المستوى المنخفض، تتعرض العاصمة اليابانية «طوكيو» لكم كبير من الفيضانات خلال مواسم الأمطار والأعاصير، الأمر الذي جعل السلطات تشيّد أكبر منشأة في العالم لتحويل مسار مياه الفيضانات تحت الأرض، وذلك للتخفيف من آثار الكوارث المحتملة، وحماية المدينة من الغرق، والمحافظة على السكان، حيث تمكنت من تقليل آثار الخسائر لما يقارب من 100 فيضان، على مدار 10 سنوات، لتخفض خطر الفيضانات إلى نسبة 10% تقريبا بحسب «موقع اليابان بالعربية».
وتقع هذه المنشأة الضخمة على عمق 50م، وهي عبارة عن خزان هائل، ونظام أنفاق لتصريف مياه الفيضانات الخارجية تحت الأرض يبلغ طوله 6.5 كم، وعند تجاوز مستوى المياه حدا معينا، تتدفق للداخل عبر قنوات إلى نفق بقطر 10م تحت الأرض.
وقد تم إنشاء هذا المشروع الهندسي المذهل خلال الفترة من عام 1992 حتى 2006، ويسمي «جي ـ كان» أو النفق تحت الأرض، ويتكون هذا النظام المعقد من 5 خزانات ضخمة لتجميع المياه، وتتصل بشبكة أنفاق تبلغ مساحتها 4 أميال، وتبدو هذه الخزانات وكأنها معبد عملاق، أو كاتدرائية تحت الأرض بأسقفها الشاهقة، حيث تبلغ ضخامتها إلى الحد الذي يتسع الواحد منها إلى وقوف تمثال الحرية بأكمله.
وقد تم استغلال هذه المنشأة أيضا بطريقة ذكية طوال العام، إذ أصبحت معلما سياحيا، ومتحفا مميزا، يتوافد عليه الزوار من كل مكان في العالم، ليخوضوا مغامرة غريبة، تتضمن رحلة عجيبة إلى أعماق الأرض، يقوم فيها الزائر بالتجول بين الأعمدة العملاقة، والأنفاق الممتدة بلا نهاية وفقا لـ«موقع الهيئة القومية اليابانية للسياحة».
وكم نحن في الكويت بحاجة لمثل هذا النوع من المشاريع المهمة والحيوية لتصريف وتخزين المياه وحسن إدارتها واستغلالها، في ظل زيادة كمية الأمطار التي هطلت مؤخرا على البلاد وخلال السنوات الماضية وتسببت بخسائر مادية كبيرة للأفراد والمؤسسات، وخاصة كارثة الأمطار في عام 2018 التي أغرقت كثيرا من المناطق بالسيول والفيضانات، وسدت الشوارع والطرقات، وداهمت المنازل والمباني والمنشآت، مما أدى إلى تعطيل المدارس والجامعات وكل المؤسسات الحكومية والخاصة، وقدرت حجم الأضرار والخسائر التي حدثت بين 100 و300 مليون دينار، وفقا لتصريحات نشرت في وسائل الإعلام خلال تلك الفترة.
٭ زاوية أخيرة: إن مشكلة فيضانات مياه الأمطار في الكويت تحتاج إلى حل جذري لعلاجها، ورغم أن هذا النوع من الحلول مكلف ماليا حاليا، إلا أنه وعلى المدى الطويل، سيكون استثمارا ذا جدوى عالية، كونه سيحد من الخسائر المتكررة والتي تقع كل عام، مما سيوفر مئات الملايين من الدنانير.
