أحمد الجارالله إسقاط القروض… نعم عدالة اجتماعية
تشكل مسألة القروض معضلة بالنسبة لشريحة كبيرة من الكويتيين، الذين يقعون تحت أعباء كثيرة بسببها، وتزداد مشكلاتهم تعقيداً اجتماعياً وصحياً ومالياً، فيما لا تزال الدولة تتمسك برأي بعض الخبراء غير الضالعين بالاقتصاد، والذين ينظرون إلى الأمر من زاوية شعاراتية، أو لخدمة المتمولين الكبار الذين يسعون للاستحواذ على أكبر قدر من المال والأملاك من خلال مصادرة ممتلكات المتعثرين.
وكلما طرحت هذه القضية انبرى من ينادي بعدم العدالة في حلها، متحججاً بأن الذين استدانوا يتحملون مسؤولية ذلك، وليس لبقية المواطنين أي علاقة بهذا الأمر، وهنا نسأل هؤلاء: لو أن منطقة معينة في الكويت تعرضت لزلزال أو كارثة طبيعية، أَليس من واجب الدولة تعويض سكانها، أم أنكم ستقولون إن عليها أيضاً تعويض أهالي اليرموك وضاحية عبدالله السالم والشامية و….، كما عوضت أهالي تلك المنطقة؟
لا شك أن الذي اقترض فعل ذلك لحاجة ماسة، وكان يسدد الأقساط، لكن لأسباب شتى عجز عن الاستمرار، ووقع تحت طائلة القانون المجحف، ما أدى إلى الزج به في السجن أو منعه من السفر أو ملاحقته قضائياً، والحجز على ممتلكاته التي لا تكون أحياناً غير بيته وسيارته، إضافة إلى الحجز على راتبه، ما يزيد من أزمته، وكل هذه الإجراءات غير العادلة اجتماعياً، تستوجب النظر إليها بعين المسؤولية، وليس أخذ الجميع بمعيار واحد.
تعيش الكويت حالياً، كما هي حال بقية دول العالم، في ظل وباء “كورونا” الذي أرخى بظلاله على كل أشكال الحياة، وتسببت الإجراءات الاحترازية المتخذة بمزيد من التعثر المالي لأعداد كبيرة من الناس في العالم، وفيما عملت معظم الدول على حماية مواطنيها، أكان من خلال إسقاط القروض أو الفوائد، وإعادة جدولة أصل الدَّين، كما هي الحال في المملكة العربية السعودية والبحرين وغيرهما من دول الخليج، والدول الأوروبية، فإن الأزمة في الكويت كانت مختلفة تماماً، فالدولة لم تحرك ساكناً، بل إن القرارات التي تتخذها الحكومة والبنك المركزي تزيد من تعقيد أزمة المقترضين المتعثرين.
هذه القروض بأكثريتها مأخوذة من البنوك، وعندما تتحملها الدولة وتعيد جدولة أصل الدّين، لعشرين أو ثلاثين سنة، وتُسقط الفوائد، فهي بذلك تعيد تحريك عجلة الاقتصاد، وترفع من الناتج الوطني، لأنها تعيد تنشيط الدورة المالية، فلا تقع مرة أخرى في المعالجة الخطأ لأزمة سوق المناخ، التي تسجل حتى اليوم في الميزانية نحو سبعة مليارات دينار على أساس أنها قيد التحصيل، فيما نحو 80 في المئة من المدينين توفاهم الله، بينما كان من السهل حل هذه الأزمة بطريقة تنعش الدورة المالية في ذلك الوقت.
اليوم، هناك اقتراح قانون مقدم من بعض النواب لمعالجة أزمة القروض الاستهلاكية، ورغم أنه يحتاج إلى تطوير، نتمنى ألا يصبح مثل قانون صندوق المعسرين الذي زاد الطين بلة بدلا من حل المشكلة.
نعود ونؤكد على أن حل المسألة بسيط جداً، وهو أن تشتري الدولة الدين وتعيده إلى أصله وتقسِّطه على عشرين أو ثلاثين سنة، وبذلك تكون قد حققت شعار من يتغنون بالعدالة الاجتماعية، وفي الوقت نفسه رفعت الظلم عن بقية المواطنين المتعثرين.