مشكلة وقوف السلطتين التشريعية والتنفيذية في المربع الأول وعدم التقدم خطوة واحدة هي بسبب وجود نزعة ثأرية بين كلا الطرفين، فالمعارضة ترى أن لديها ثأرا لدى الحكومة عليها أن تصفيه أولا قبل ان تمد إليها يد التعاون، والحكومة بدورها ترفض أن تتخلى عن مواقفها المسبقة من المعارضة خاصة تلك القضايا التي صدرت ضد رموز المعارضة فيها أحكام نافذة، فالمعارضة ترى ألا تعاون سياسيا مع الحكومة قبل تنفيذ هذا الشرط فيما يعرف بقانون العفو الشامل، الحكومة بدورها ترى ألا مساومة في هذا الملف دون تنفيذ كامل بنود اشتراطات العفو المعلنة مسبقا.
***
هنا لن أتحدث بما يجب أن تفعله الحكومة والتي هي نسخة محدثة من الحكومة السابقة، ذات الحكومة التي ردت تعديل قانون القطاع الأهلي رغم أنها لن تتكلف فلسا واحدا جراء التعديل القاضي بصرف مكافأة نهاية خدمة للكويتي العامل في القطاع الخاص، فحكومة تتعامل بهذه العقلية في رد قوانين مستحقة هي حكومة لا تستحق حتى عناء المحاولة للوصول معها إلى صيغة وسطى حول أي قانون سياسيا كان أو شعبيا، أنا هنا أتحدث عن المعارضة وما يجب عليها أن تفعله.
***
كما ذكرت المعارضة أما أن تتعاطى وفق فقه الواقع والمعطيات على الأرض وتتعامل مع الحكومة على أساس أنها حكومة ستعمل على رفض كل قانون سياسي او شعبي سيتقدم به النواب سواء كانوا معارضة أو موالاة.
نقطة الرفض الحكومية يجب ان تكون في أذهان نواب المعارضة قبل الإقدام على أي خطوة سواء في اتجاه العفو الشامل أو غيره، فمثلا في المجلس السابق قامت الحكومة بحركة ذكية في مواجهة دعاة قانون العفو الشامل وتحركت باتجاه خلط الأوراق، وستعيد ذات الكرّة مرة أخرى في المجلس الحالي وسيفشل اي مشروع من هذا النوع، أيا كانت أسماء او أعداد مقدميه وفي قبعة الحكومة أكثر من حيلة سياسية لمواجهة هذا الأمر، كما قلت أهونها خدعة خلط الأوراق.
***
المعارضة عليها ان تتأنى في تقديم قوانين الثأر السياسي، وتبدل تحركها نحو تقديم قوانين شعبية الطابع كحركة أولى، ثم تبدأ بتقديم مشاريع تعديلات لقوانين قائمة كقوانين المرئي والمسموع والنشر الإلكتروني والحرائق الإلكترونية، على الأقل في حال رفض الحكومة للقوانين الشعبية ستكون المعارضة قد كشفت ان الحكومة ضد الشعب، تشريعيا على الأقل وأن تقوم المعارضة بعرض هذا الأمر بالدليل للرأي العام، هذا الأمر سيزيد من رصيد المعارضة الشعبي.
***
أما القفز باتجاه قانون العفو الشامل – وهو مستحق ولا شك – وجعله على رأس قوانين المعارضة وجعله أولوية قصوى فسيكون سببا في تعرض المعارضة لصدمة ثانية هي في غنى عنها الآن لأنها ببساطة ستخوض معركة ان تكسبها.
كما ذكرت، الحصافة هي في مواجهة الحكومة بحزمة قوانين شعبية الطابع وإصلاح قوانين النشر، والعمل على ان تجد طريقها للتصويت عليها بغض النظر عن نتيجة التصويت.
***
من بين أخطاء المعارضة أو المحسوبين عليها أو بالأصح المحسوبين على اجتماعاتها هو التدافع نحو تقديم قوانين متشابهة دون تنسيق، وكأن هناك سباقا نيابيا على تقديم القوانين وهذا خطأ كارثي، على المعارضة او ما تبقى منها التنسيق فيما بينهم من أجل إعادة ترتيب الأولويات بما يعود بالنفع على اكبر شريحة ممكنة، والابتعاد عن قضايا الثأر السياسية.
***
توضيح الواضح: الديموقراطية ليست «بوفيها مفتوحا» تأخذ منه ما يناسبك أو ما يميل له قلبك، فإذا خسرت جولة عليك القبول وتخطي المسألة.
***
للحديث بقايا.
