البعد الديني في رأس السنة الميلادية – بقلم : د. سامر أبورمان
على الرغم من الاختلاف بين الطوائف المسيحية على اليوم الذي ولد فيه المسيح عليه السلام، حيث احتفل أكثرهم في 25 ديسمبر، في حين يحتفل آخرون يوم 6 يناير، إلا أن المسيحيين في أنحاء العالم يحتفلون بهذه المناسبة بتقاليد وممارسات متنوعة، دينية وغير دينية، ومنذ العام 1870 اعتبر الكريسماس عطلة رسمية فيدرالية في الولايات المتحدة.
كشفت استطلاعات بيو Pew، بين عامي 2013 و2017، عن بعض الملامح التي تعبر عن انقسام الأميركيين في عيد الميلاد، سواء من حيث المعتقدات الدينية المرتبطة به، ونمط الاحتفال والذهاب للكنيسة، وطريقة المعايدة بين استخدام العبارات الدينية «عيد ميلاد مجيد» أو عبارات التهنئة العامة «عيد سعيد»، واستخدام الرموز الدينية في المواقع الحكومية وغيرها من المسائل.
ومن بين أبرز هذه الملامح، تراجع نسبة من يؤمنون بولادة المسيح، كما وردت في الكتاب المقدس، سواء من يؤمنون بأن المسيح قد ولد لعذراء 66% مقابل 73% عام 2013، أو أن الملائكة قد بشرت بمولده 67% مقابل 74% عام 2013.
أن تسعة من كل عشرة من الأميركيين يحتفلون بعيد الميلاد، ونصفهم يذهب إلى الكنيسة، لكن ثلثهم لا يرون أن هذا العيد مرتبط بالدين، وترى الأغلبية من الأميركيين 56% أن الطابع الديني في عيد الميلاد قد أصبح أقل مما كان عليه في السابق، على حين يرى 30% أنه لم يتغير، بينما رأى 12% أن الطابع الديني قد أصبح أكثر.
ويبدو الانقسام في المواقف واضحا حسب الانتماء الحزبي، حيث يرى الجمهوريون، أكثر من الديموقراطيين، ان البعد الديني للكريسماس قد أصبح أقل مما كان عليه في السابق، 68% مقابل 50%، وهم أكثر تفضيلا من الديموقراطيين، لاستخدام عبارة «عيد ميلاد مجيد» Merry Christmas أكثر من «عيد سعيد» Happy Holidays’ أو ‘Season’s Greetings, 54% مقابل 19%، ورغم ان ترامب قد ذكر أنه سينهي ما وصفه بالحرب على عيد الميلاد، وسيعيد استخدام العبارة الدينية بشكل أكبر، إلا أن أكثر من نصف الأميركيين لا يرون فرقا بين استخدام أي من العبارات، ويميل الجمهوريون كذلك إلى السماح بعرض الرموز الدينية المسيحية في الممتلكات العامة أكثر من الديموقراطيين، 79% مقابل 60%.
وعلى مستوى الأجيال، فإن جيل الألفية، ممن ولدوا في الفترة بين منتصف الثمانينيات وكحد أقصى إلى منتصف التسعينيات، يميل أكثر من غيره، نحو اعتبار عيد الميلاد ثقافيا أكثر من كونه دينيا، وهو الأقل اهتماما بالعبارات المستخدمة للتهنئة، كما أنه أقل احتفالاً من غيره بالمظاهر الدينية كالذهاب إلى الكنيسة والمشاركة في الترانيم، في مقابل اهتمامه، أكثر من غيره، بالمظاهر الاجتماعية مثل شراء الهدايا للعائلة والأصدقاء ونصب شجرة عيد الميلاد.
وإذا كان البعد الديني المرتبط بأعياد الميلاد يقل عند الأميركيين فإنه أقل من ذلك عند الأوروبيين، فاستنادا إلى استطلاعات بيو PEW، فإن الأوروبيين بصورة عامة هم أقل تدينا من الأميركيين، حيث لا تتجاوز نسبة من يعتقدون منهم بوجود قوة عليا 38%، و27% فقط يؤمنون بوجود إله كما ورد في الكتاب المقدس، و36% يرون أن على الحكومات أن تدعم القيم والمعتقدات الدينية.
وعلى مستوى ألمانيا، أظهر استطلاع الرأي الذي أجراه معهد إلينسباخ المتخصص في قياس اتجاهات الرأي العام، أن نسبة المترددين على الكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية للصلاة بين وقت وآخر تراجعت من نحو 60% خلال ستينيات القرن الماضي إلى 32% حاليا.
لعل هذه النتائج تضيف بعداً جديداً في النقاش والفتاوى الإسلامية حول جواز تهنئة المسيحيين في أعيادهم، إذ إن احتفالات المسيحيين بالكريسماس قد باتت اليوم، وإلى حد كبير، إجازة واحتفالية يختلط فيها الديني بالاجتماعي والترفيهي، ولم تعد احتفالات دينية خالصة كما كانت، وسيقل ارتباطه الديني أكثر في المستقبل.