عام 2020.. ما بعد الفقد وما لم نأسف عليه! ،،، بقلم / يعقوب عبدالعزيز الصانع
في منتصف مارس، عندما ارتكبت الحكومة أول أخطائها بفتح الأجواء، وتسرّب بعدها مرض «كوفيد ــــ ١٩»، ومع حالة من الارتباك الحكومي، خاصة وزارة الصحة، أُعلن بعدها الحظر الجزئي، وتوالت الاشتراطات وصولا للحظر الكلي، وما ندمت عليه أنني طبّقت كل ما أعلنت عنه السلطات الصحية، وكنت أشاهد غيري يذهب للشاليهات أو المزارع والجواخير، لم تكن هنالك أزمة في توافر المواد الغذائية، لكنّ لكل بيت ظروفه، خاصة من يعيش ويعتمد على مهمة وتوصيل المطاعم، وباختصار كان ذهابنا للجمعيات وقت الحظر الكلي يفوق خوفاً من تجربتي البسيطة في جهة كنت أعمل فيها، وتم حجزنا وقت حرب تحرير العراق، فكنا نخرج للضرورة، رغم صافرات الإنذار، ولكن جائحة «كورونا» المخيفة والمرعبة لم تنذرنا ولم تعلمنا كيف نتصرّف، وهكذا كانت حكومتنا تتعامل معنا حسب التجربة الصحية من دون أدنى سابق للخبرات في زمن انتشار الأوبئة. فتارة، تقول سوف نعبر الجائحة بمراحل. وتارة، تقول سنعود للمربع الأول، ومع هذه الضبابية انتهت انتخابات ٢٠٢٠ بعد كل مظاهر التجمعات والاحتفالات بصورة حميمية، حتى أعلن عن «كوفيد ٢٠٢٠»؛ لتستمر الوصاية الصحية على حياتنا، وربما كانت وصاية قاصرة، ونظرتها تعبّر عن مخاوف وتردّد، لا عن امكانات وقدرات، رغم استبشارنا بانحسار اعداد الإصابات ووصول اللقاح. فقدنا خلال هذا العام شخصياتٍ كبيرةً ومؤثرةً، رموزاً وأمراء، فنانين وأدباء، وغيرهم.. فقدنا من أصدقائنا وزملائنا وفقد الكثير منا من عائلته وأحبابه، ولو كانت الأسباب مختلفة وبغير «الكورونا» ارتبط هذا العام ـــــ والعياذ بالله ـــــ بسوء الطالع والحظ العاثر، وفي مجال المهنة والعمل ورغم العودة للحياة الطبيعية، ابتكرت الحكومة «باركود» المواعيد، حتى يتسنى لبعض الموظفين الهروب والتقصير من واجباتهم، وما زالت المحاكم لم تستعد عافيتها، ولا نزال ننتظر كمّاً كبيراً من القضايا العالقة، ومع الجائحة مواعيد الجلسات تحدد لعام مقبل، مشاريع الشباب صرفوا عليها وارتبطوا بقروض شخصية بسببها، ولم يتمكّنوا حتى اليوم من استئناف نشاطهم، بل الإغلاق النهائي كان في انتظارهم، وفي آخر جلسة من مجلس ٢٠١٦ سقط الاقتراح الخاص بنظر مشاكلهم. من الممكن أن نصف بشاعة الحرب ودمارها وننشد السلام، لكننا في زمن «الكورونا» ــــ ومع كل تقدير للسلطات الصحية والصفوف الأولى من دون استثناء ــــ نرى هذه الجائحة قد أشعلت حرباً على التوازن النفسي، وأدخلت معايير كنا نرفضها، ونتمنى تركها؛ فأبناؤنا أصبحت الألعاب الالكترونية المتنفّس الوحيد لحياتهم، كنا نخاف عليهم من الخروج من المنزل، حتى تمكّنت تلك الآفة الالكترونية من نشاط الأطفال والمراهقين وحيويتهم، ومن ثم لا تفوتنا بدعة التعليم «الأونلاين» و«هرطقات» كلّفت أرباب الأسر ثمن الأجهزة والكمبيوترات، وفي النهاية المدرّس عن بعد، حتى الكاميرا ممنوع الولوج إليها، وعادة ينام الطالب أثناء الدرس، وهكذا يتم تدمير جيل كامل؛ بحجة الاشتراطات الصحية! عام ٢٠٢٠.. ارحل غير مأسوف عليك، عامٌ عانينا منه وفقدنا الكثير بسببه، ولن أجد أفضل وصفٍ لهذه الجائحة، رغم ما كتبتها، رحلت ولم تشهد معنا «الكورونا»، تقول حنة آرنت في أحد كُتبها: حتى إننا نجد أنفسنا في الوقت الراهن بين الشيطان الذي أمامنا والبحر العميق الذي خلفنا، للتمييز بين الظروف والرعب الأخرس، الذي لا يتعلم منه أحد، والتجارب التي ليست مرعبة، ولكنها مقرفة، انطلاقا من نقطة الصفر، وما ندعو الله الا أن يستجيب لنا في عامنا الجديد ٢٠٢١ بأن يمحو كل خطيئة ارتكبت في زمن «الكورونا» بقصد أو بإهمال وأن يعمّ الخير ووافر الصحة على البشرية والعالم أجمع.. وشكراً. يعقوب عبدالعزيز الصانع @ylawfirm