بقلم : د. سامر أبورمان
افتتحت الكويت، خلال العام الماضي، جسر الشيخ جابر الأحمد، ليكون رابع جسر بحري في العالم، بطول 36 كيلومترا فوق البحر، يسعد الناظرين فوق مياه الخليج الجميلة ويفتح الآفاق لمدن جديدة! ويختصر المسافة بين الكويت العاصمة ومنطقة الصبية في الشمال الشرقي إلى نحو الثلث، كما تضمن المشروع جزيرتين صناعيتين متماثلتي المساحة تبشران بمستقبل مشرق!
يعتبر المشروع جزءا من منظومة متنوعة من المشاريع الاستراتيجية، لتحقيق رؤية «كويت جديدة 2035» التنموية المستقبلية، بأن تصبح البلاد مركزا ماليا وتجاريا، حيث سيربط الجسر العاصمة بإقليم الحرير المستقبلي، الذي تنوي الحكومة الكويتية استثمار أموال طائلة فيه، قدرتها بعض المصادر ما بين 400 -600 مليار دولار، بهدف إحياء طريق الحرير التاريخي، وتحويل منطقة الصبية إلى منطقة حرة ضخمة، تكون حلقة وصل بين الخليج وآسيا وأوروبا. إلى جانب العديد من المشاريع في البنية التحتية والمدن السكنية ومناطق سياحية جديدة!
صاحب هذه المشاريع الضخمة جدل وتخوف، من المجتمع الكويتي المحافظ، انعكس في بعض نتائج استطلاعات الرأي التي أعدت خصيصا لمعرفة التوجهات نحو المشروع وشكله ومستقبله، ولاسيما على صعيد السياحة، فهناك العديد من دول العالم، قد استباحت لنفسها الترفيه المحرم، كي تستقطب أكبر عدد من الزوار، وتحقق عائدات أكبر، وبعضها برر التغيرات اللاأخلاقية بحجة توفير مصادر دخل بديلة استعدادا لحقبة ما بعد النفط!
المأمول ألا تكون الكويت تقليدية الرؤية في هذا الشأن، فهي الدولة التي حازت الريادة في مجالات عديدة، وأمامها فرصة ذهبية لاستثمار ما تملكه من إمكانيات هائلة، لتكون حاضنة لسياحة إقليمية محافظة، تضع عنصر الأخلاق في المقدمة، وتحرص على احترام أحكام الشريعة والتقاليد الإسلامية، في كل ما تقدمه من خدمات ووسائل ترفيه!
ولن تعدم الكويت في ذلك جمهورا من العائلات والأفراد من الدول العربية والإسلامية، وفي مقدمتها دول الخليج، ممن يحجمون عن السفر والسياحة بسبب المحرمات التي ابتليت بها السياحة التقليدية العالمية!
يوجد هذا النوع من السياحة المحافظة الناجحة في مناطق أخرى من العالم مثل جزر المالديف لحد كبير، والطلب عليه في ازدياد، بما دفع حتى بعض المرافق السياحية في دول أوروبية لاعتماده، بهدف استقطاب الجمهور العربي والإسلامي المحافظ، الذي يبحث عن الترويح والترفيه البريء، والكويت ولا شك أولى به!
تملك الكويت الكثير من المقومات لتكون حاضنة لهذا النوع من السياحة، وإضافة لهذه المشاريع التوسعية الضخمة، هناك بيئة اجتماعية محافظة، وأعداد كبيرة من العاملين الذين يمكن تأهيلهم لإدارة المرافق السياحية وعلى أعلى طراز، والتنوع الطبيعي، والبنية التحتية الممتازة، ورسوخ الأمن، فضلا عن الوفرة النفطية، التي تغني عن السماح بالمحظورات في سبيل الربح!
