ذكرى العدوان الثلاثي على بورسعيد – بقلم : عبدالمحسن محمد الحسيني
أحيانا أجد نفسي أراجع وأستعيد ذكريات الشباب، وخلال الأسبوع الماضي احتفلت مدينة بورسعيد الباسلة بذكرى العدوان الثلاثي على هذه المدينة من قبل ثلاث دول عظمى هي بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وعادت بي الذاكرة لتلك الأيام حيث كنا نتجمع نحن الشباب لنعبر عن وقوفنا مع أهالي بورسعيد البواسل الذين خرجوا (كل الفئات السنية) للدفاع عن مدينتهم، ورغم طائرات العدوان الثلاثي وإنزال المظليين إلا أن زعماء لندن وباريس لم يتمكنوا من إخضاع الشعب المصري الذي تصدى للعدوان بقيادة زعيم الأمة العربية جمال عبد الناصر.
قد يتساءل البعض لماذا قامت تلك الدول الكبرى بالعدوان ومحاولة الاستيلاء على مدينة بورسعيد الباسلة؟ كان هدفهم الاستيلاء على قناة السويس التي تعتبر أهم شريان مائي يربط ما بين القارات الثلاث آسيا وإفريقيا وأوروبا وتعتبر قناة السويس الطريق التجاري لأوروبا الصناعية وعبر قناة السويس تمر البواخر التجارية والبواخر المحملة بالبترول العربي.
نعود بالذاكرة لتلك الأيام الخالدة.. حيث خرجنا واندفعنا بعفوية كاملة ودون أي توجيه لندعم الشعب المصري العربي وندافع عن مدينة بورسعيد الباسلة، فحملنا الشعارات التي تحمل عبارات التأييد لمدينة بورسعيد وصور جمال عبد الناصر، ولو حاولنا أيضا استرجاع الذاكرة لتلك الأيام فسنجد أن كل الشعوب العربية بعفوية شاملة خرجت لتدافع عن حرية مصر البلد العربي، لم يكن هناك ما يشغل الشعوب العربية في تلك الأيام الخلافات التي تشهدها الدول العربية هذه الأيام، وكانت المواقف القوية والمتضامنة هي التي منعت الدول الكبرى (دول العدوان) من الاستمرار في احتلالها لبورسعيد وقناة السويس بينما ما يحدث هذه الأيام هو انحلال كامل للدول العربية.
إسرائيل مازالت تحتل فلسطين وإيران تعبث في العديد من الدول العربية والشعوب العربية منشغلة بخلافاتها وصراعاتها على السلطة، وحكام العرب مشغولون بالاستيلاء على مقدرات شعوبهم وهذا مما زاد من انتشار الفساد في كل المؤسسات الحكومية، يا ترى هل نحن بحاجة لتلك الروح التي تميز بها الشعب العربي في تلك الأيام؟ وهذه الروح هي التي حمت ودافعت عن دولنا العربية من غزو أجنبي لبلادنا العربية، أم نحن بحاجة لزعيم عربي مثل جمال عبد الناصر ليقود الأمة العربية للتصدي للأطماع الأجنبية في دولنا العربية ولم شمل العرب للدفاع عن فلسطين ومساندتها لإجبار المجتمع الدولي لمساندة قيام دولة فلسطين.
لا شك أن نضال بورسعيد الباسلة واستذكار بطولة أبنائها في هذه الأيام التي ينتشر فيها الفساد وفي دولنا العربية ليوقظ نفوسنا لأن نعيد ذكريات تلك المواقف المتضامنة لشعوبنا العربية للتخلص من الاستعمار الداخلي الذي تسبب في انتشار الفساد في دولنا العربية.
تحية لمدينة بورسعيد الباسلة في ذكرى صمودها وكفاحها في التصدي للعدوان الثلاثي من قبل دول كبرى، فهل يعود التاريخ بنا إلى تلك المواقف الصلبة لمحاربة الفساد؟ وتحية لقائد الأمة العربية الذي قاد الشعوب العربية في نضالها ضد الدول الاستعمارية التي كانت تحاول استعمار الدول العربية.
وتعود بي ذكرى تلك الأيام وأجد نفسي أردد مع كوكب الشرق أم كلثوم: وقف الخلق ينظرون جميعا كيف أبني قواعد المجد وحدي، وأردد نشيد الله أكبر التي كنا نرددها بحماس كبير.
من أقوال سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد: «إن علاقتنا بالدول الأخرى تحددها مصلحتنا ومصلحة أمتنا العربية وإيماننا المطلق بوحدة هذه الأمة كأساس وهدف».
والله الموفق.