لا شك أن سوء اختيار بعض القياديين النفطيين أدى إلى تراجع أداء المؤسسة، كما أن التمديد لقياديين لم ينجزوا طيلة عملهم أي أعمال ذات قيمة مضافة للقطاع زاد من تردي الوضع، حتى أنهم عجزوا في تهيئة صفٍ ثانٍ يقود المؤسسة لمرحلة قادمة، رغم محاولة الوزير السابق الفاضل وقفَ الاستمرارفي لعبة التمديد إلا أننا نأمل من الوزير الجديد الفارس بذلَ الجهد لتطوير القطاع النفطي نحو الافضل، وندعوه الى وقف مهزلة التمديد التي أصبحت متوالية حسابية شهرية لا منتهية، خاصة لم نلمس من رأس الجهاز التنفيذي أي وقفة جادة لتغيير منهجية التمديد أو إعادة التفكير في آليات جديدة تخدم مصالح العمل والعاملين والارتقاء بالأداء المؤسسي العام والنهوض به. إن أي تمديد يعني تقصيراً في المسؤوليات الأخرى، ولم نعهد مثل ذلك السلوك الغريب في السابق، لا في مؤسسة البترول الكويتية ولا في الشركات النفطية العالمية، كما أن التمديد مخالف لقانون إنهاء عمل من تعدى 35 سنة خدمة! فلماذا لا توقف مجاملة بعض الأفراد على حساب مستقبل القطاع النفطي كله؟ وعندما تسقط المهنية الإدارية والفنية ننتقد بهدف تصحيح الأخطاء وإصلاح الحال، ولأن القطاع النفطي هو المسؤول الأول عن تأمين الموارد المالية للدولة يتوجب ابعاده عن المجاملات والمحسوبيات، فالقطاع أكبر بكثير وأهم من أي تجمع سياسي أو اقتصادي أو من بضعة أفراد. مستشارون أجانب غالباً ما يعتمد قياديو النفط على توظيف مستشارين أجانبَ لسد ما تعانيه من نقص في بعض المهارات المطلوبة للقيام بمسؤولياتها، وجاءت إجابة المؤسسة في ردها على أحد الأسئلة البرلمانية: أن تكلفة رواتب المستشارين العاملين في القطاع النفطي تصل إلى قرابة مليون دينار سنوياً، تُدفع لتخصصات عامة مثل: الإدارة والمحاسبة والحقوق بمعدل راتب شهري حوالي 4000 دينار لكل مستشار، عدا التمتع بمزايا ذات تكاليف مالية اضافية مثل السيارة والبنزين وتذاكر السفر والتأمين الصحي والبونص السنوي، مثل هذه التخصصات لا تعتبر تخصصات نادرة في العمل النفطي، لكن يبدو أن هؤلاء القياديين الفاشلين لا يمكنهم الاستغناء عن مستشارين حتى وإن كانوا من ذوي التخصصات العادية المتوافرة في السوق الكويتي! سؤالنا للوزير الفارس: هل من الحصافة التمديد لهؤلاء القياديين وأولئك المستشارين رغم تراجع أسعار النفط وارتفاع ديون المؤسسة واستمرار العجز بالموازنة الذي قد يصل إلى 9 مليارات دينار؟! مع تزايد نسبة البطالة بين للكويتيين بتخرج حوالي 15 ألف خريج سنويًا؟ لا مبررات أو حجج للإبقاء على وضعٍ كهذا إلا في مؤسسة البترول الكويتية! خسائر مالية كبيرة توقُّف إنتاج المنطقة المقسومة لمدة 5 سنوات أدى إلى خسارة إيرادات مالية كبيرة ــ وكانت الكويت بحاجة ماسة إليهاــ بلغت حوالي 44 مليار دولار، لم تحتسب أي تعويضات في اتفاقية المنطقة المقسومة أو تقييم كلفة استنزاف حقل برقان جراء رفع إنتاجه على مدى السنوات الخمس، بل على النقيض اشتملت الاتفاقية على تعويض شركة شيفرون والتعهد ببناء مقر جديد لها في الجانب السعودي بدلاً من المقر القديم في ميناء سعود الذي يتكون من مبنى للإدارة، مكاتب للموظفين وللمهندسين، غرفة اجتماعات، وحدة تحكم، ورشة للصيانة، مخزن لقطع الغيار ومجموعة خزانات وانابيب، الشق النفطي من هذه الاتفاقية جاء تحت مظلة مجلس الأمة، وبمشاركة فريق من مؤسسة البترول وحظي الحدث باهتمام كبير وتغطية إعلامية غير مسبوقة، بذلك الزخم كنا نتوقع مع بدء مجلس الأمة الجديد أن نشهد تشكيل لجنة برلمانية خاصة تهتم بقضايا النفط والنهوض بالقطاع أسوة بالقطاعات الأخرى المهمة في الدولة التي تحظى بلجان دائمة ومؤقتة وصل عددها 22 لجنة كالخارجية والداخلية والتشريعية. لجنة شؤون النفط! يبدو أن كثرة الاستجوابات لوزراء النفط في الحكومات السابقة وتشكيل العديد من لجان التحقيق البرلمانية بالقضايا النفطية في الفصول التشريعية السابقة نظراً لجسامة المخالفات وضخامة التجاوزات المالية وقيام العاملين بالنفط باضراب عام وتأخر انجاز مشاريع المؤسسة الكبرى لسنوات أخرى التي شكلت هدراً للوقت وللجهد وللمال بضياع فرص تحصيل جملة إيرادات تنعش الاقتصاد الوطني الذي يعاني من عجز متراكم، كل تلك لم تشفع للقطاع ولم تقنع مجلس الأمة الجديد بتشكيل لجنة تعنى بشؤون النفط! في ظل استمرار هذا الوضع نسأل: هل فعلاً نبتغي الإصلاح الحقيقي والتطوير الجدي أم عزاؤنا أن نبقِي على سقف التوقعات الإيجابية من دون المستوى والطموح المنشود في أفق لا يلوح بالأمل؟! عبدالحميد العوضي خبير متخصص في تكرير النفط وتسويقه
