في بيئة العمل المعتادة سوف تبقى التحيزات والتفكير النمطي موجودين طالما أن البشر هم جزء من الصورة، فعادة ما تمثل نهاية أحد المفاهيم الخاطئة بداية حقبة جديدة من الصور النمطية. ففي الظروف النموذجية يُظهر الموظفون حماسة أقل عندما تقودهم أنثى، معتقدين أن قيادة المرأة تتمحور حول العاطفة أكثر وليس الأداء. وفي الوقت نفسه يُنظر إلى الرجال على أنهم أسهل في الاقتراب، وأقل حذراً في مشاركة المعلومات، ويقومون بعمل أفضل في تحدي فرقهم للنمو في حياتهم المهنية. إذن، هل الرؤساء الذكور هم أفضل في المنصب الإداري من النساء؟ أم أن الأمر ببساطة مسألة تفضيل تقودها بعض أشكال الحجز؟ الصفقة الحقيقية الإجابة ليست ثنائية بسيطة مثل نعم أو لا، لأنه وفقاً للعديد من نتائج الأبحاث الإدارية يتساوى الرجال والنساء في الفعالية في معظم البيئات، لكن هذه الفعالية تعتمد على التوافق بين المكان وجنس فريق مكان العمل. على سبيل المثال، عادة ما تقوم النساء بمزيد من التوجيه، ويتم قبول أسلوب التدريب هذا بشكل أفضل في المهن التي تهيمن عليها الإناث، بينما يتم قبول أسلوب «القيادة والسيطرة» للرجال بشكل أكثر شيوعاً في المهن التي يهيمن عليها الذكور. وفي معظم الأبحاث الأكاديمية حول هذه المسألة وجد أن القادة الذكور والإناث كانوا على القدر نفسه من الفعالية عند استخدام تدابير موضوعية في مكان العمل مثل الكفاءة والإنتاجية. أما في الواقع، وفي بعض الحالات، تتفوق النساء على الرجال، ووفقاً لعملاق التحليلات الأميركية (غلوب) الذي فحص أربعة عقود من البيانات وُجِد أن المديرين، النساء، تفوقن في الأداء على نظرائهن من الرجال عندما تعلق الأمر بجعل الموظفين يشعرون بالالتزام والحماس تجاه وظائفهم. أساليب القيادة تكشف الأبحاث حول هذه المسألة أيضاً أن النساء في الواقع أكثر تحملاً لأنهن يعملن كنماذج يحتذى بها ويساعدن الموظفين على تطوير مهاراتهم ويحفزنهم على التفاني والإبداع. وعلى العكس من ذلك، فإن أسلوب القيادة والسيطرة الأكثر شيوعاً لدى الرجال قد يأتي بنتائج عكسية في بعض الحالات. لهذا وبشكل عام، فالنساء أكثر ديموقراطية ويشجعن المشاركة، أما الرجال فأكثر استبداداً ويوجهون الأداء، إذ تميل النساء أيضاً إلى مكافأة الأداء الجيد أكثر من الرجال، وهو جزء إيجابي جداً من الإدارة، في حين أن الرجال أكثر عرضة لانتقاد الآخرين ويكونون أقل تدريباً، وهي الأساليب التي تعتبر غير فعالة في الدور الإداري. وعلى الرغم من هذه الميول، يحذر علماء النفس من استنتاج أن لدى النساء أو الرجال نوعاً من أسلوب الإدارة الطبيعي أو الفطري، لأنه مسألة ظرفية وذاتية، ولا ينبغي توليدها بسهولة. رأي شعبي بغض النظر عن النتائج الوفيرة، يبدو أن الرأي العام يتعارض مع النتائج العلمية. ووفقاً لمجلة Forbes Business يفضل المزيد من الناس رئيساً ذكراً على أن يكون الرئيس أنثى، خاصة بين النساء، حيث تفضل نسبة أكبر وجود رئيس ذكر. علاوة على ذلك، تذكر المجلة أنه بشكل عام كان يُنظر إلى بعض القائدات على أنهن لا يساعدن بالضرورة النساء الأخريات، بينما يعتقد المزيد من النساء أن الرئيس الذكر أكثر دعماً لهن. كما يعتقد العلماء أن هذا يمكن أن يكون بسبب العدد المحدود من مقاعد السلطة المتاحة للنساء والتي يمكن أن تكون مهددة لأن الآخرين يتنافسون على المقعد. وقد قُدم تفسير اخر بأن النساء النادرات اللاتي وصلن إلى قمة مجالهن قد يكون لديهن تعاطف أقل مع أولئك الذين يكافحون لأنهم ناضلوا أيضاً ولا يرون ذلك أي سبب للتعاطف. تخطي الحواجز استنتج علماء النفس أن الأفضلية تكمن في درجة الشعبية، حيث يزعمون أن النساء في مكان العمل يُعاقبن عادة لكونهن «عدوانيات» حتى لو كان سلوكهن مطابقاً لسلوك الرجال، فلا تظهر العقوبة على ذلك في شكل الحكم على أقل كفاءة من الرجل، بل في اعتباره أقل شخص محبوب، مما له عواقب مهنية بالإضافة إلى عواقب اجتماعية. خلافا للاعتقاد السائد، فإن النساء في بعض النواحي قادة أفضل من الرجال، لكنهن يعانين من مساوئ الأدوار القيادية التي لها صورة ذكورية، وخاصة المستويات العليا، لهذا من المفيد التحقيق في نموذج الحقائق مقابل المشاعر وإعطاء فرص عادلة لكلا الجنسين القادرين على حد سواء. د. رندا دياب بهمن Dr.randa@alqabas.com.kw عضوة هيئة التدريس في كلية الكويت للعلوم والتكنولوجيا KCST
