الفرق بين الالتزام والإملاء ،،، بقلم / ناصر العطار
يقول عالِم الأحياء داروين: «الملتزم أخلاقياً هو من يستطيع أن يتمعّن في ماضي أفعاله وبواعثها، وأن يوافق على بعضها، ويرفض البعض الآخر». في مقابل دواعي التغيير الذي يدور في حياتنا، ونشعر به تدريجياً، نجد أيضاً أن هناك أجواءً نسبية من الاستقرار في الحياة، وفي كلتا الحالتين تتضح لنا أهمية الالتزام ونعرف معناه؛ ففي دواعي التغيير نجد أن من المهم الالتزام بمتابعة ما يطرأ على حياتنا من مستجدات سلبية كانت، أو إيجابية، لنتعلم دوماً من أخطائنا ونضاعف، أو نحافظ على مكتسباتنا؛ لذلك من المهم متابعة سلامة الديمومة التي ننعم بها في حياتنا، والسؤال الآن: هل هذا المعنى للالتزام ـــ إن صح ـــ يتوافق مع معنى ما يعتقد به البعض أنه التزامٌ صائب، جرى إملاؤه ولا مجال لمعارضته؟ برأيي المتواضع، هما على طرفي نقيض، رغم التوافق الظاهري بينهما. فالالتزام، وفق دواعي التغيير وأجواء الاستقرار، قد جاء بعد إعمال العقل، وهو – أي العقل – وسيلة الإنسان الوحيدة التي من خلالها يناقش ويستوعب، يتفق أو يختلف، يستنهض ويتصرّف، أما إذا كان الالتزام نابعاً من الإملاء فسيتجمد العقل، ويتحول الإنسان من مُفكّر إلى جماد متحرّك، إرادته مسلوبة، ورأيه مُصادر، وهنا سيكون الالتزام فرضاً، وهذا ـــ باعتقادي ـــ فارق جوهري بين التزام نابع من إعمال العقل، وفرض يعتقد بعضنا أنه التزامٌ مستحق؛ لذلك فإن من الضروري أن يُفعّل الإنسان عقله، لكي يفكر ويراجع أفكاره ويتساءل عن سبب ما التزم به، أو سبب ما فُرض عليه. ناصر العطار