ما مدى اقتراب إيران من إنتاج القنبلة النووية؟
يتعرض الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى العالمية في 2015 للتآكل وتواجه الجهود الرامية لإحيائه تحديا جديدا بقرار طهران استئناف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% في منشأة نووية تحت الأرض.
كان للقيود التي فرضها الاتفاق على أعمال إيران في المجال النووي هدف واحد هو تمديد الفترة اللازمة لكي تنتج فيها إيران مواد انشطارية كافية لصنع قنبلة نووية، إذا ما قررت ذلك، إلى عام على الأقل بدلا من شهرين أو ثلاثة أشهر.
وتصر إيران أنها لم تسع قط للحصول على السلاح النووي وأنها لن تفعل ذلك أبدا. وتقول إن أعمالها في هذا المجال للأغراض المدنية فقط.
بدأت طهران في العام الماضي خرق القيود التي ينص عليها الاتفاق خطوة خطوة ردا على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق في مايو 2018 وإعادة فرض العقوبات الأميركية عليها.
وأدى ذلك إلى تقليل الفترة اللازمة لإنتاج المواد الكافية لصنع سلاح نووي، غير أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تشرف على تنفيذ الاتفاق تشير إلى أن إيران لا تمضي قدما في عملها النووي بالسرعة التي تتيحها لها إمكانياتها.
وقد سعت دول أوروبية لإنقاذ الاتفاق النووي ومارست ضغطا على طهران للالتزام بالاتفاق رغم تشديد واشنطن للعقوبات والتمسك بالأمل في تغير السياسة ما إن يتولى الرئيس المنتخب جو بايدن منصبه في 20 يناير المقبل.
وكان بايدن نائبا للرئيس الأميركي باراك أوباما في الإدارة التي تفاوضت على الاتفاق النووي المبرم في 2015.
وقد خالفت إيران الكثير من قيود الاتفاق غير أنها مازالت تتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتتيح المجال لعمل مفتشيها بموجب واحد من أشد برامج التحقق النووي المفروضة على أي دولة تدقيقا.
– اليورانيوم المخصب: يقصر الاتفاق النووي مخزون إيران من اليورانيوم المخصب على 202.8 كيلوغرام وهو ما يعد نسبة ضئيلة للغاية من أكثر من ثمانية أطنان قامت إيران بتخصيبها قبل الاتفاق. وتجاوزت إيران هذا الحد في عام 2019.
وقدر تقرير الوكالة الدولية لشهر نوفمبر أن المخزون يبلغ 2442.9 كيلوغرام.
– مستوى التخصيب: يفرض الاتفاق حدا أعلى للمستوى الانشطاري الذي يمكن لإيران أن تخصب اليورانيوم به عند 3.67 % وهو ما يقل كثيرا عن مستوى 20% الذي حققته قبل الاتفاق وأقل بكثير من المستوى اللازم لصنع السلاح النووي وهو 90%.
وخالفت إيران هذا القيد في يوليو 2019 وظل مستوى التخصيب ثابتا عند ما يصل إلى 4.5% منذ ذلك الحين.
– أجهزة الطرد المركزي: يسمح الاتفاق لإيران بإنتاج اليورانيوم المخصب باستخدام حوالي 5000 جهاز من الجيل الأول (آي آر-1) من أجهزة الطرد المركزي في وحدة نطنز التي أنشأتها تحت الأرض لتسع أكثر من 50 ألفا من هذه الأجهزة.
ويمكن لهذه الوحدة تشغيل أعداد صغيرة من أجهزة أكثر تقدما فوق الأرض دون تراكم اليورانيوم المخصب. وكان لدى إيران حوالي 19 ألفا من أجهزة الطرد المركزي العاملة قبل الاتفاق.
وفي 2019 قالت الوكالة الدولية إن إيران بدأت التخصيب بأجهزة متقدمة للطرد المركزي في معمل تجريبي فوق الأرض في نطنز. ومنذ ذلك الحين بدأت إيران نقل ثلاث مجموعات من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة إلى مصنعها تحت الأرض.
وفي نوفمبر قالت الوكالة الدولية إن إيران قامت بتغذية أول تلك المجموعات التي أعدتها تحت سطح الأرض بغاز سادس فلوريد اليورانيوم.
– فوردو: يحظر الاتفاق تخصيب اليورانيوم في موقع فوردو الذي بنته إيران سرا في بطن جبل وكشفته أجهزة المخابرات الغربية في العام 2009. ويسمح بأجهزة الطرد المركزي في هذا الموقع لأغراض أخرى مثل إنتاج النظائر المشعة المستقرة. ولدى إيران الآن 1044 جهازا من نوع آي آر-1 للتخصيب في فوردو.
وقالت إيران إنها تستأنف التخصيب بنسبة 20% في فوردو، وهو ما قد يعقد جهود إدارة بايدن لمعاودة الانضمام للاتفاق النووي.
وتتباين التقديرات الخاصة بالفترة التي تحتاجها إيران لامتلاك المواد اللازمة لصنع السلاح النووي. ويقول كثيرون من الديبلوماسيين والخبراء النوويين إن نقطة البداية التي كانت عاما بموجب الاتفاق تقدير متحفظ وإن إيران تحتاج وقتا أطول.
وفي نوفمبر قدر ديڤيد أولبرايت مفتش الأسلحة السابق في فرق الأمم المتحدة والذي يميل للتشدد فيما يتعلق بإيران أن الفترة اللازمة قد تكون قصيرة ربما تصل إلى ثلاثة شهور ونصف الشهر، رغم أن ذلك قائم على افتراض أن إيران ستستخدم ألفا من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة التي استبعدت بموجب الاتفاق.
وإذا جمعت إيران مواد انشطارية كافية فستحتاج لتجميع قنبلة صغيرة الحجم على الأرجح بما يكفي لتركيبها على صواريخ باليستية.
الفترة التي يستغرقها ذلك على وجه الدقة ليست واضحة غير أن تخزين كمية كافية من المواد الانشطارية يعتبر على نطاق واسع أكبر عقبة في إنتاج السلاح النووي.
وتعتقد وكالات المخابرات الأميركية والوكالة الدولية أن إيران امتلكت في فترة من الفترات برنامجا للسلاح النووي وأنها أوقفته. وثمة أدلة تشير إلى أن إيران حصلت على تصميم لقنبلة نووية ونفذت أعمالا مختلفة تتصل بتصنيعها.
ولاتزال إيران تتيح للوكالة الدولية تفتيش منشآتها النووية المعلنة وتسمح للمفتشين بزيارات مفاجئة في أماكن أخرى. وفي 2020 وقع بين إيران والوكالة الدولية خلاف استمر عدة أشهر على السماح بدخول موقعين سابقين حامت حولهما الشبهات.