قمة السلطان قابوس والشيخ صباح – بقلم : الشيخة حصة الحمود السالم
لا صوت يعلو فوق صوت المصالحة الخليجية، ولا حديث إلا عنها بعد أن حجبت سحابة سوداء سماء الخليج الصافية مخلفة أجواءً باردة من العلاقات غير المعهودة بين دول الخليج.
الحقيقة أن الترابط والتعاون والتكافل بين دول الخليج كان مضرب المثل، خاصة بعد تأسيس منظمة دول مجلس التعاون الخليجي في مايو 1981 وكان للمنظمة دور عظيم في حرب الخليج الأولى والثانية وفي كل المنعطفات التاريخية التي مرت بها المنطقة.
وجاء الربيع العربي بخريف الانشقاق والانقسام في الشرق الأوسط، ولكن نجحت دول الخليج في الثبات، بل وتقديم الدعم للأشقاء في دول الجوار التي اجتاحت أراضيهم الفوضى، هذا الثبات والرسوخ هو نتيجة لجهد وحكمة ومثابرة للقيادات الحكيمة لدول الخليج، ولاسيما المغفور له جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وجلالة السلطان قابوس بن سعيد آل بوسعيدي والغائب الحاضر «أمير الإنسانية» سمو الشيخ صباح الأحمد، والذي أثمرت مساعيه الإنسانية هذه المصالحة، رحمهم الله جميعا وطيب ثراهم، والذين بذلوا جهدا كبيرا للحفاظ على استقرار الشرق الأوسط عموما والخليج على وجه الخصوص.
وقد أثبتت الأيام أن صوت العقل والحكمة هما الضمان الوحيد لحل النزاعات وخاصة بين الأشقاء، لن نسير في الركب ونجامل ونرفع شعارات أصبح لا وجود لها على أرض الواقع أو كما يقولون «إن غدا لناظره قريب»، ولكن مواجهة مشاكلنا أفضل من اللف والدوران حولها، كنت أتمنى شخصيا ألا يمتد أمد هذه المقاطعة لأربع سنوات وأن يتم الحل والتوافق داخل البيت الخليجي دون تدخل أي وسطاء من الخارج.
ولكن على أي حال نوجه جزيل الشكر والثناء للسيد جاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومستشاره على جهوده وحرصه على تقريب وجهات النظر وحضوره البارز في قمة مجلس التعاون الخليجي في «العلا» السعودية، إلى جانب مسؤولين أميركيين آخرين، فأحيانا يكون تدخل وسطاء من الخارج هو الحل الوحيد لتجاوز هذه العقبة وعدم هدر مزيد من الوقت لكى لا تتفاقم الأمور إلى ما لا يحمد عقباه، فكان خطاب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود في كلمته الافتتاحية للقمة معبرة عن «بالغ الشكر والتقدير لجهود رأب الصدع» بقيادة الكويت وبمساعي الولايات المتحدة، وجميع الأطراف التي أسهمت في هذا الشأن، مضيفا أن هذه الجهود أدت إلى الوصول إلى اتفاق بيان العلا.
فكل التحية والتقدير لجميع دول مجلس التعاون الخليجي على المصالحة، وأخص بالذكر الشقيقة مملكة البحرين تحت قيادة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حفظه الله، على تجاوز كل الخلافات قديما وحديثا للمّ شمل البيت الخليجي، وللشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية تحت قيادة جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله، على استضافة المؤتمر وتحمل المسؤولية التاريخية بهدف الاستقرار وتوحيد الصف، وسلطنة عمان تحت قيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد بلد الأمن والسلام والحضارة، كما عهدناها دائما واحة للتسامح والمحبة، كل التحية والتقدير لدولة الإمارات العربية المتحدة وقادتها العظام أبناء حكيم العرب المغفور له سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وللشقيقة قطر تحت قيادة سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حفظه الله.
كما أتوجه بخالص التحية والتقدير لصاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، حفظه الله ورعاه، على استكماله الجهد الديبلوماسي للمغفور له «أمير الإنسانية» الشيخ صباح الأحمد، طيب الله ثراه، وكان آخرها رسالة خطية لشقيقه الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، حتى تكتمل دائرة الأخوة العربية بين الأشقاء ووحدة الصف العربي في مواجهة التحديات وتحقيقا لتطلعات وآمال الشعوب العربية والإسلامية نحو مستقبل نرجوه مشرقا في أجواء ومناخ معتدل في كافة المجالات، ونختم كعادتنا بالدعاء إلى الله بأن يوحد كلمتنا وأن يجنبنا الفتن والمحن وأن يجعل الأرض عامرة بالأمن والسلام.. آمين.