بقلم : يوسف عبدالرحمن
في هذا الزمن الكوروني أرى ازدياد حاجتنا إلى إحياء «الوصية» وتأتي هنا بمعنى الفرض والعهد، كما تأتي بمعنى «الوعظ» وهذا ما نحتاجه في هذه المرحلة من تاريخ الكويت في ظل حاكم نظيف اليد والسيرة، رمز للتواضع والعدل والحكمة. وكما نعلم وعلمتنا الحياة أن الوصية نوعان:
الأولى: وصايا الأحياء للأحياء، وهي أدب بمعروف ونهي عن منكر، وتحذير من ذلل، وتبصرة بمصالح البلاد والعباد.
الثانية: وصايا الأموات للأحياء عند الموت بحق يجب عليهم أداؤه ودين يجب عليهم قضاؤه!
وقد تتداخل الوصايا في وصية واحدة، ويستطيع الإنسان العاقل أن يميز بينها، ولا يخفى أن للوصية الثانية الخاصة بالأموات أحكاما شرعية واختلافات فقهية.
ما أحوجنا في هذا الجانب أن نستخدم (الوصية المطية) التي توصلنا الى مبتغانا في واقع الحال والأحوال، ولو أنني سأتكلم عن وصايا الزواج والسفر والأشعار لأسهمت وأسهبت بما يطول شرحه، لكن الأمر خاص الآن بالساسة والبرلمانيين وأصحاب الحراك!
أتعلمون لماذا جيلنا المخضرم يستطيع أن يتكلم ويتحدث في كل موضوع؟
لأننا كنا على مقاعد الدراسة نتعلم (القيم) التي همّشت اليوم في التعليم والتعلم عن بُعد وصار همنا فقط المعلومة!
كنا في المرحلة المتوسطة بلا مبالغة نتعلم من القيم والوصايا والعلوم ما أثرى ذاكرتنا وجعلنا جيلا (متنورا) ثريا بعقلية فذة مليئا وليس سطحيا مثل جيل اليوم!
لازلت أذكر أستاذي محمد الشابوري مدرس اللغة العربية وسيد ورد والأستاذ عامر وهم يعلموننا الوصايا وأروع ما قيل في الوصف والوطنيات والأدعية والأمثال والخطب والحكايات والرسائل والطرائف والنوادر والموشحات!
٭ ومضة: نحن اليوم في هذا العهد الميمون بحاجة الى بطانات صالحة في مؤسسات الدولة بعد أن شاهدنا صورا قبيحة من الفساد، وآن الأوان لغلق هذا الملف، وإني لأتذكر قصيدة طويلة جدا للإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ينصح فيها ابنه الحسن رضي الله عنه .. أقتطع منها هذه الأبيات المعبرة، يقول:
ولا خير في ود امرئ متلون
إذا الريح مالت مال حيث تميل
جواد إذا استغنيت عن أخذ ماله
وعند احتمال الفقر عنك بخيل
فما أكثر الاخوان حين تعدهم
ولكنهم في النائبات قليل
٭ آخر الكلام: من الوصايا التي قرأتها وأراها (دستورا عظيما) في الملك والحكم ما قاله عبد شمس بن وائل بن الغوث يوصي بنيه بطاعة ابنه (الصوار) ويوصيه في وثيقة طويلة مليئة بالحكم أعرض منها ما أراه صالحا لهذه المقالة، يقول: واعلم أن الملك بيت أساسه العدل، وقواعده التدبير، وحيطانه التيقظ وأركانه الحزم، وتلاحكه (أساسه) الشدة، وعماده الوزراء الكفاةُ وعوارضه القادة القادةُ، ومواحضه (المخلصون له) الأتباع، ولا استقامة لمدبري المملكة، ومستخرجي الإتاوة، إلا بمصاقبة (مقاربة ومناسبة) قادة الجيوش، ولا يجمل قائد الجيش، وسائق الجماعة سوى أصحاب الخزانة، وربما وجدت مائة مقاتل، وأعجزك كافٍ، وكثير أن يصدق الكرة العشرة من المائة المقاتل، والمائة من الألف، والألف من اضعافه، وأنشأ يقول:
أوصي بني وان تقارب بينهم
فيما لديّ بطاعة الصوار
وإليك بأصوار أُوصي بالذي
وحى إليَّ أُبوتي في الجار
ومحل كل حيث يبلغ قدره
اذا من بها متفاوت الاقدار
والملك بيت لا تقوم سماؤهُ
إلا بأعمدة رست وجدار
٭ زبدة الحچي: عزيزي القارئ الكريم في كل مكان: هذه نصيحتي إن قبلتها فلنفسك عملت، وإن رددتها فنفسك بخست، والله الموفق للخير والمعين عليه، أقولها مجازا: قال: بلى نقبلها ونشكرك عليها..
٭ تعزية ورثاء: ورحل الممثل القدير صادق دبيس بعد رحلة طويلة ومريرة مع المرض عن عمر يناهز الـ 62 عاما، وقد شاهدناه كممثل مسرحي وفي برنامج «سلامتك».
وتبقى الحقيقة «كل نفس ذائقة الموت» والدعاء له: اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين، واجعل قبره روضة من رياض الجنة وأعذه من عذاب القبر وقِهِ السيئات وارحمه تحت الأرض واستره يوم العرض ولا تخزه يوم يبعثون، وأسكنه فسيح الجنان، وأفِضْ له من رحمتك يا رحمن.. قولوا: آمين.
في أمان الله.
