احتفالات الكويت بعيد التحرير الثلاثين! بقلم : محمد عبد المجيد
بقلم : محمد عبد المجيد – طائر الشمال عضو اتحاد الصحافيين النرويجيين
ليس هناك أقدر من الأقدار في ضبط حركة الزمن، وليس هناك أفضل من التحرير ليجمع المواطنين على قلب وطن واحد!
ثلاثون عاما مرت بين استعراض صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، لجيشه الصغير في الصحراء السعودية خلال محنة الاحتلال استعدادا لتطهير تراب الديرة من الأقدام الهمجية، وبين الاستعداد للاحتفال بالتحرير وقد أصبح الفارس الشجاع أميرا للوطن المحرر، فلابد أن يتناسب ويتناغم الاحتفال مع القيم التي حملتها المقاومة الكويتية منذ الساعات الأولى لاقتراب جحافل الغزو من مركز صناعة القرار الكويتي العسكري، والتي رفض صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد أن يغادر موقعه حينها قبل الاطمئنان على كل جنوده، بل إن سموه أراد أن يكمل الصمود والمقاومة لولا إلحاح سمو الشيخ سعد العبدالله، رحمه الله، أن يستكمل المقاومة من الحدود السعودية!
ولكن لماذا الاحتفال الثلاثيني هذا بالتحرير يحمل تلك الأهمية؟
لأنه ليس فقط المكان والزمان، إنما جيل كويتي بلغ أصغر من فيه الثلاثين من العمر ومهمتنا هي تعريفه على الإضاءات المشرقة من تاريخه في حياة صانعيه، ولا ننتظر عشرين أو ثلاثين عاما جديدة فيكتب غيرنا التاريخ مسموعا، وليس ممهورا بتوقيع أبطاله.
نحن هنا نفترض أن جائحة كوفيد- 19 لن تقف حائلا دون الاحتفالات، لكن قد تؤجل بعض الوقت، وهنا تكون الكلمة الفصل والأصلح لصاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد.
هناك 10 أسباب لضرورة الاحتفالات بمرور ثلاثين عاما على تحرير الكويت، أهمها:
1 – تقديم الشكر الجزيل لصاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد على مواقفه الصلبة منذ الثاني من أغسطس 1990 إلى هذه اللحظة، وتقديمها كتابة ودروسا لتلاميذ وطلاب المدارس والجامعات الكويتية وكلهم ولدوا بعد التحرير.
2- إحياء ذكرى كل من: سمو الشيخ جابر الأحمد، وسمو الشيخ سعد العبدالله، وسمو الشيخ صباح الأحمد، والشهيد الشيخ فهد الأحمد.
3- يتخلل الاحتفالات أسبوع إحياء التاريخ في كل مكان، المدارس والمعاهد والجامعات والمؤسسات للتعريف بالكويت من منطلق نهج جديد يزهو به فخرا شباب لم يكونوا حاضريه، فيتعرفون على آبائهم وأمهاتهم الذين قاوموا الغزو الآثم، في الداخل والخارج.
4- تثمين الدور الإعلامي الكويتي الذي كان خلية نحل لم تتوقف طوال سبعة أشهر، فصدرت الصحف في الغربة، وواصلت إمداد الكويتيين بما يحتاجونه من أخبار ومعلومات وتصحيح أكاذيب إعلام الغزو.
5- تذكير الكويت كلها بالدور الرائع للوفود الشعبية الكويتية التي جابت الدنيا إثر المؤتمر الشعبي في منتصف أكتوبر 1990، وألقت محاضرات، وطبعت خرائط ووثائق، وكانت أحد أهم خطوط الدفاع عن الكويت.
6- إظهار أبطال الديبلوماسية الكويتية في كل مكان، فقد كان الديبلوماسيون الكويتيون في معركة إثبات الهوية المتجذرة في تربة الوطن، واخترقوا دفاعات ديبلوماسيي شيطان بغداد من لندن إلى برازيليا، ومن استوكهولم إلى دكار، وفي خضم معارك الديبلوماسية الكويتية لم يتأخر ديبلوماسي كويتي واحد عن حمل قضية فلسطين كأنها الهم الأول للكويت الصغيرة المحتلة.
7- صحيح أن هناك تحالفا قويا من 34 دولة لتحرير الكويت، وقد تضاربت الأقوال وكل من شارك أعطى لنفسه الحق في أولوية مساعدة الكويتيين للتحرير، لكن الحقيقة أن دور المقاومة الكويتية منذ صباح الثاني من أغسطس 1990 كان حاسما وفاصلا، وكان عجز قوات الغزو على العثور على خائن كويتي واحد للتعاون معها، وكانت شهامة سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، وسمو ولي عهده رئيس مجلس الوزراء الراحل الشيخ سعد العبدالله، باعتبار أموال آل الصباح كلها في خدمة التحرير، وظهور مفاجئ للمرأة الكويتية مقاومة، ومساندة، وداعمة، وإعلامية!
لكن لا ينكر أحد أن دور الملك فهد بن عبدالعزيز، رحمه الله، كان خطيرا ومفصليا وباهرا، فقد فتح بلده وذراعيه وقلبه للشرعية الكويتية، واستقرت الحكومة المؤقتة في الطائف حتى يوم التحرير، وتعرض الملك فهد لمصاعب ومتاعب وتهديدات صدامية، لكنه لم يرضخ أو يتراجع عن اعتبار السعودية الأرض الثانية للكويتيين و.. ليست البديل.
8- الأمان الذي شعر به الكويتيون في كل مكان، فالطلاب كانت تصلهم المنح والمساعدات، والديبلوماسيون والموظفون في الخارج حصلوا على حقوقهم بدون تأخير.
9-احتفالات ثلاثينية يعرف من خلالها الجيل الصاعد الدور البطولي، ديبلوماسيا وإعلاميا، الذي قام به الشيخ سعود ناصر الصباح، رحمه الله، فقد جعل الإعلام الأميركي بمئات الصحف والمطبوعات، وآلاف الإعلاميين ومنهم من كانت معلوماتهم أقرب إلى الصفر عن دولة نفطية خليجية صغيرة، متحمسين لتحرير الكويت.
10- يجب أن نعيد تذكير الكويتيين، خاصة الشباب، بكلمة سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، في الأمم المتحدة والتي كان لها أثر بالغ في مضاعفة المتعاطفين والراغبين في الانضمام للتحالف لتحرير الكويت.
لا شك أن هناك صفحات كثيرة معلومة لدى الذين عاشوا الشهور السبعة العصيبة، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر حتى يأذن الله، لذا فلنسرع في تنظيم احتفالات ثلاثين عاما على تحرير الكويت.
سنكتشف في الطريق والاستعداد أبطالا كثيرين لا نتحدث عنهم كثيرا لطول العقود الثلاثة وتأثيرها في إخفاء إضاءات وجوههم الوطنية والمناضلة.
إن كان لي أن أقترح لفتة وطنية وإنسانية ووفية فهي جعل شوارع وطرق الكويت خلال أسبوع الاحتفالات مليئة بصور الشهداء من المقاومين والرهائن والمختطفين والأسرى لكي تتثبت في الأذهان صورهم، ونتذكر الدعاء لأن يرحمهم رب العزة في جنة الخلود.
في الاحتفالات لن يكون هناك خجل من تسمية الأسماء بمواقفها المعلنة حتى لو اعتذرت بعد ذلك، فمن لم يقف مع الكويت الحرة في الدقائق الأولى للغزو وكان ينتظر بوصلة المصالح المادية والسلطوية فلا فرح للكويتيين بلقائه.
كل دول العالم تظل تحاسب المتعاونين مع محتليها لعقود طويلة فهي دروس أبدية لأجيال لاحقة.
حفظ الله الكويت وأهلها وشرعيتها وآل الصباح الكرام، وأطال عمر صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد.