ينتظر أكثر الناس، الذين يعتمدون على راتبهم حتى آخر الشهر انتظارا لنزول الراتب، أن تخفف الحكومة من الأعباء التي يتحملها الناس، وتضبط الأسعار التي صارت لا ضابط ولا رابط لها، وعندما يأمل المواطن في هذه الرعاية الكريمة من الدولة ليحصل على حقه الطبيعي في الاستمتاع بثروات وطنه وما أفاء الله عليها من خير عميم، وعندما تتكفل الدولة برعايتها، فهذا ليس منّة من الحكومة ولا هبة ولا عطيّة، بل واجبها الذي جاءت من أجله، وتلك مسؤوليتها التي يتحملها وزراؤها، فالنفط وثروات الكويت ليست حكرا على أحد، وعندما تفكر الحكومة في فرض رسوم على الخدمات التي تقدمها لشعب الكويت فإنها تجافي الحق وتحيد عنه.
قد يكون فرض الرسوم مقبولا في دولة تعاني ميزانيتها من عجز في الموازنة العامة ودخلها يقل عن مصروفاتها، إنما فرض رسوم في الكويت صاحبة الموارد النفطية والثروات العقارية والأسهم والسندات في كل بنوك العالم والتي تقرض القاصي والداني، ومن ينفع ومن لا يرجى منه نفع، ثم تأتي لتفرض ضرائب ورسوما على الخدمات التي تقدمها للشعب، فهذا أمر مرفوض وشيء لا يعقل أن يحدث في الكويت صاحبة المليارات ولله الحمد.
ولنسأل حكومتنا الموقرة: كم ستبلغ حصيلتك من هذه الضرائب؟! وهل الموازنة تحتاج فعلا إلى هذه الرسوم التي يمكن توفيرها من المصروفات السرية أو من الدعم اللا عقلاني لدول وقفت مع الغزو العراقي الغاشم على الكويت؟
يبدو أن حكومتنا الموقرة لا تشعر بما يعانيه أكثر الكويتيين والمقيمين من غلاء في الأسعار ومن الانفلات الرهيب وانعدام الرقابة على الأسعار لأنهم يعلمون علم اليقين أن من أمن العقوبة أساء الأدب، فلتشعر الحكومة بما يعانيه الناس وبآلام الناس، وتقدر كم المعاناة الكبير من هذا الغلاء، وأنه لا يستطيع أن يدفع أي زيادة تريد الحكومة فرضها على ما تؤديه له من واجبات هي صلب مسؤوليتها التي من أجلها جاءت، فارحموا يا حكومة هذا الشعب الطيب، فأكثر المواطنين والمقيمين ليس لديهم مبالغ فائضة لدفعها مقابل أي خدمات تريدون زيادة رسومها!
هل الكهرباء التي تقطع قطعا مبرمجا في بعض الأحيان أم الطرق التي لا تصلح للسير بها وأتلفت سيارات الناس او بعض المدارس التي تئن مبانيها المتهالكة او المستشفيات التي يأتيك دورك لرؤية الطبيب بعد أشهر؟
على أي خدمات تريدون رسوما؟ لابد من الحكومة وأعضاء مجلس الأمة أن يتعاونوا فيما بينهم ويتجاوزوا هذه المرحلة حتى يدخلوا في مرحلة الإنجاز الذي طال انتظاره، وعليهم أن يدركوا أن أكثر أفراد الشعب مستاؤون من عدم الإنجاز في السنوات الماضية.
قال الشاعر محمود سامي البارودي:
عَنَاءٌ وَيَأْسٌ وَاشْتِيَاقٌ وَغُرْبَةٌ
أَلا شَدَّ مَا أَلْقَاهُ فِي الدَّهْرِ مِنْ غَبْنِ
أَهَبْتُ بِصَبْرِي أَنْ يَعُودَ فَعَزَّنِي
وَنَادَيْتُ حِلْمِي أَنْ يَثُوبَ فَلَمْ يُغْنِ
اللهم احفظ بلدي الكويت وأميرها وشعبها ومن عليها من المخلصين من كل شر ومكروه، اللهم آمين.
