الأحزاب والحساسية السياسية – بقلم : حماد مشعان النومسي
التعريفات والمقاربات للأحزاب السياسية كثيرة تختلف من المقاربات الفرانكفونية إلى المقاربات الانجلو سكسونيه، وان كان التعريف الأقرب من وجهة نظري هو رأي الفقيه الدستوري الفرنسي (موريس دوفر جيه) الذي يقول: الحزب السياسي هو منظمة طويلة الأمد يفوق عمرها عمر مسيريها، لها هيكلة كاملة ولها برنامج سياسي محدد تحاول من خلاله الوصول للسلطة.
***
والأحزاب بكل تأكيد هي ضرورة ديموقراطية وجودية، فإذا كان لا توجد أحزاب سياسية في أي مجتمع فلا وجود للديموقراطية فيه وهذا متوافق مع رأي الخبير الدستوري هانس كالسن: «لا يمكن أن نتحدث عن مجتمع ديموقراطي في غياب أحزاب سياسية قوية وفعالة»، ولا يمكن هنا تفيد الإطلاق.
***
أشكال الأحزاب وأنواعها وتصنيفاتها متعددة ولا يمكن اختزالها او احتكارها لأي سبب غير موضوعي، إلا إذا كانت بأهداف أو أغراض غير سلمية أو إذا كانت تدعو إلى العنف.
***
لا شك أن أنواع وأشكال الأحزاب كثيرة ومتعددة، لكن أوضحها وأهمها نوعان فقط.. الحزب الأيدلوجي والحزب البراغماتي.
أما بالنسبة للأحزاب الأيدولوجية فمن وجهة نظري أنها تضرب فكرة الديموقراطية في صميمها، وذلك لان الديموقراطية كما هي معروفة هي حكم الأغلبية مع حفظ حقوق الأقلية، أي حفظ حقوق الآخر، بينما الفكر الأيدولوجي لا يقبل الآخر إطلاقا.
والأيدولوجية أرى أنها يجب ألا تكون إلا للكيان الكلي كالأمة أو الدولة، لأن الأمة أو الدولة متى اختلفت اختلاف تضاد (أيدولوجيا) مع الدول أو الأمم الأخرى فهذا قد يكون مقبولا، أما اختلاف التضاد بين الأجزاء (الأحزاب) في داخل الكيان الكل فهذا هو الأمر غير المقبول أبدا.
أما البراغماتية فإنها تختلف مع الآخر اختلاف تنوع يفيد ولا يتجاوز المصلحة العامة، ودائما تنطلق من القاعدة الإسلامية الذهبية: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
***
والأحزاب السياسية بشكلها الصحيح والمؤطر بالقانون والدستور والعمل السلمي هي ما تحقق التعددية السياسية لأي ديموقراطية حقيقية.
ومن يتحسس من فكرة الأحزاب بسبب انطباعاته عن الأحزاب العربية، نقول له ليست هناك أحزاب سياسية عربية إطلاقا إنما ما هو موجود حاليا ميليشيات عسكرية انفصالية انقلابية ترتدي الرداء الحزبي زورا وبهتانا.
ختاما، أقول: الرجل الجيد يضرب الأمثلة الجيدة والرجل السيئ يضرب الأمثلة السيئة.
hammad_alnomsy@