هل للأزياء ثقافة؟ – بقلم : سالم السبيعي
صدر كتاب جديد بعنوان «ثقافة الأزياء» لعضوة في هيئة التدريس بكلية التربية الأساسية خالدة السبيعي، وقد كتب وأشاد بالكتاب الكاتب والمستشار الصحافي بجريدة «الأنباء» الأستاذ يوسف عبدالرحمن، كما نشرت الزميلة «القبس» نبذة عن الكتاب، وأهدتني الكاتبة مشكورة نسخة منه، وبدأت أقرأ محتويات الكتاب (300 صفحة) أجمل ما فيه هو البساطة وتسلسل الأفكار والمعلومات، تشعر وأنت تقرأه وكأنك تنظر إلى كل البشر من خلال ما يلبسون، وكأنهم موديل (مانيكان) يستعرضون أمامك، ويشرحون لك أسباب اختيارهم للزي الوطني، أو المهني، أو التراثي… الخ، لا أستطيع إيجاز أو اختزال هذا الكتاب في مقال أو بأسطر قليلة، لكن الكاتبة أنشأت زاوية في عقولنا تحثنا على تفسير ما يلبسه الإنسان من أزياء وعلاقتها بالزمان، والمكان، وحالته النفسية والمعيشية، ومكانته الاجتماعية.
بعد قراءتي للكتاب أقول للكاتبة إن الأزياء «ثقافة وعلم».. وهنا أستذكر ما درسناه في السنة النهائية بالكلية، وكانت مادة الطب الشرعي (وتسمى أحيانا بالطب الجنائي) وفي هذه المادة ما يخص علم وثقافة الأزياء، فحين يستدعي جهاز الأمن الطبيب الشرعي للتعرف على جثة شخص مجهول لمعرفة أمور كثيرة ومنها تحديد هويتها، هنا تبدأ «ثقافة الأزياء» مثل إن كان يلبس زيا وطنيا لبلد ما، أو زيا صيفيا أو شتويا، لتحديد زمن الجريمة، ثم ينظر إلى هندامه إن كان مرتبا أو لا، ثم ينظر إلى تناسق اختياره للألوان، وهذا دليل ثقافته، ثم ينظر إلى نوعية ملابسه هل هي ماركات مشهورة وغالية فهذا يدل على حالته المادية، وأمور كثيرة نستنتجها من الأزياء، فالأزياء جزء من شخصية الإنسان، لذلك فهي علم وثقافة.
أستذكر كذلك دعوة الصديق العميد مدحت مرسي، رحمه الله، وكان نائب قائد الجيش الثاني بحرب 6 أكتوبر 1973 لزيارة «خط بارليف»، وهو جبل صناعي بطول قناة السويس أقامه الإسرائيليون كسلاح دفاعي يتحصنون به.. (المهم) يقول العميد: كنا نكلف بدو سيناء بالاستطلاع خلف خطوط العدو وتزويد القيادة بكل التفاصيل التي يرونها، وحتى لا يكتشف العدو هذا الأمر، لم نستخدم أي وسيلة تكنولوجية حديثة او قديمة، ولا الرسائل الورقية، بل استخدموا ما نطلق عليه الآن «ثقافة الأزياء» فقد استغل البدو حبل الغسيل بالسطوح ونشروا عليه ملابسهم المختلفة التصميم والألوان وكان لكل لون أو نوع للزي معنى، وكانت هناك شفرة سرية يفهمها الطرفان، وقد أدت هذه الطريقة بـ «الأزياء» دورها فأصبحت «لغة» تضاف إلى عنوان الكتاب، فـ «الأزياء علم وثقافة ولغة» وأستعير المثل القائل: «المكتوب يقرأ من عنوانه» وأقول: «الإنسان يعرف من أزيائه».
٭ وفي الختام: أشكر الأستاذة خالدة أحمد السبيعي على إهدائي كتابها القيم، راجيا منها أن تستمر وتتحفنا بإنتاجها الأدبي.
والشكر كذلك لكل من ساهم في هذا الكتاب من مراجعات وترتيب ومن تم إهداؤه له.
والشكر موصول لأخي الفاضل أبومهند الذي بمقاله زاد شوقنا لقراءته.