دراسة للمحامية أريج حمادة: شركات الشخص الواحد دعامة للنمو الاقتصادي بالكويت
الكويت – النخبة نقلا عن «الأنباء»:
ليست الكيانات الاقتصادية العملاقة وحدها هي التي تبني الاقتصاد الوطني، بل تسهم الكيانات الصغيرة وشركات الفرد الواحد أيضًا في تحقيق النمو الاقتصادي الوطني.. هذا ما أكدت عليه دراسة نشرتها صحيفة «الأنباء» أعدتها المحامية أريج حمادة، حول دور الشركات البارز في عملية التنمية الاقتصادية للدول.
وأوضحت الدراسة الاهتمام الخاص الذي توليه الحكومات لتنظيم الشركات وأنواعها وإجراءات تأسيسها وتحديد الأشكال القانونية لها، حيث تنقسم إلى شركات تقوم على الاعتبار الشخصي، وشركات تقوم على الاعتبار المالي، وشركات مختلطة تقوم على الاعتبار بين الشخصي والمالي، ومثال على ذلك شركة ذات المسؤولية المحدودة.. وفيما يلي التفاصيل:
أدى التطور الاقتصادي وسرعة نمو القطاع التجاري ووجود ضرورة ملحة لمواجهة هذا النمو ومتطلباته المتسارعة، إلى ظهور نوع جديد من الشركات يختلف عن التصنيف التقليدي للشركات التجارية وهو ما يعرف بشركة الشخص الواحد، وذلك ليتناسب مع متطلبات المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي لا تحتاج إلى أموال ضخمة.
ما هي، ولماذا ظهرت؟
٭ شركات الشخص الواحد، عبارة عن عقد يلتزم بموجبه شخصان أو أكثر بأن يسهم كل منهما بتقديم حصة من مال أو عمل في مشروع معين يستهدف الربح لتتم قسمة الناتج عن هذا المشروع، وبالتالي تعدد الشركاء يعتبر ركنا أساسيا موضوعيا للشركة، لذلك أصبح من المهم الخروج على هذا المبدأ الأساسي، فسمحت بعض التشريعات بتأسيس هذا النوع الجديد من الشركات والتي تكون مملوكة ومكونة من شخص واحد تنشأ وتؤسس من إدارة منفردة.
والأسباب التي تقتضي إقرار شركة الشخص الواحد كثيرة، منها على سبيل المثال القضاء على الشركات الوهمية، حيث تكون ظاهرها شركة مكونة من مجموعة من الشركاء ولكنها فعليا شركة فردية، إذ يكون الشريك الأساسي هو المتصرف الوحيد فيها والباقي عبارة عن شركاء وهميين أو صوريين فقط، لاستيفاء الشكل القانوني المطلوب لتأسيس الشركة.
إضافة إلى أنها تتيح لصاحب المشروع إدارة شركته الخاصة بشكل مستقل وبمرونة من دون حاجة الى التقيد بالإجراءات المطلوبة لإصدار القرارات في الشركات الأخرى، إضافة إلى محدودية المسؤولية في شركة الشخص الواحد وذلك من خلال اقتطاع جزء من أمواله ليخصصه لهذه الشركة.
تاريخ ظهور شركة الشخص الواحد
ترجع الجذور لتاريخ ظهور شركة الشخص الواحد للقانون الألماني لكون أن المبدأ السائد لديه (مبدأ تخصيص الذمة المالية) وإمكان تجزئتها بنص قانوني صريح على أنه يجوز للشخص أن يخصص جزءا من ماله لشؤون تجارته يمارس من خلال أعمالة التجارية لتكون له ذمة تجارية إلى جانب ذمته المدنية.
يرى أصحاب نظرية تخصيص الذمة المالية أن تأسيس شركة الشخص الواحد على أساس تخصيص الذمة أمر يحتمه النمو والازدهار الاقتصادي إذ إنه من غير المقبول التمسك بمبادئ وحدة الذمة المالية وعدم تجزئتها لذلك تعين خلق أنظمة قانونية جديدة تكفل للمشروع طريقا خاصا يتميز بالاستقلال الكامل رغم الصعوبات القانونية التي تثار في مثل هذا النوع من الشركات، حيث الأصل أن الشركة عقد والعقد اتفاق إرادتين على إحداث أثر قانوني.
وجاء قانون الشركات الكويتي رقم 1 لسنة 2016 بالمادة 85 بشركة الشخص الواحد، حيث عرفها بأنها كل مشروع يمتلك رأس مال بالكامل شخص واحد طبيعي أو اعتباري ولا يسأل مالك الشركة عن التزاماتها إلا بمقدار رأس المال المخصص للشركة.
وقد جاء المشرع بهذا النمط كحاجة ملحة وهو مواكبة التطورات التي طرأت على عالم التجارة والأعمال.
المشرع الكويتي
تبنى المشرع الكويتي هذا الكيان الجديد وفي حال تعدد ملاك حصص رأس مال الشركة لأي سبب من الأسباب تحولت بقوة القانون الى شركة ذات مسؤولية محددة.
وقد ألزم المشرع الكويتي بوجود نظام أساسي لشركة الشخص الواحد، حيث يشتمل على اسم الشركة وغرضها ومدتها وبيانات مالكها وكيفية إدارتها وتصنيفها وغيرها من الأحكام التي اصدرتها اللائحة التنفيذية لقانون الشركات، وذلك طبقا لما ورد في المادة 86 من ذات القانون.
هذا، وقد أجاز المشرع الكويتي أن يشتمل رأس المال على حصص عينية يتم تقييمها وفقا للأحكام المنصوص عليها في ذات القانون، حيث يتم تقسيم رأس المال إلى حصص متساوية القيمة غير قابلة للتجزئة إلا انه ألزم أن يكون مدفوعا بالكامل وأن يكون كافيا لتحقيق أغراضها وذلك كله وفقا لما ذكر في المادة 87 من قانون الشركات الكويتي.
أما فيما يتعلق برهن حصص رأس المال فقد نظمتها المادة الـ 88 وفي حال وقوع البيع على جزء من الحصص تحولت الشركة بقوة القانون إلى شركة ذات مسؤولية محدودة، وذلك اعتبارا من تاريخ التأشير بحكم مرسل المزاد.
هذا، وقد أعطى المشرع الكويتي الحق لمالك شركة الشخص الواحد في أن يعين مديرا أو أكثر ويكون مسؤولا عن إدارتها أمام المالك على أن أي قرار بتعيين المدير لا يكون نافذا إلا بعد قيده في السجل التجاري، كما اهتم المشرع الكويتي بتنظيم وضع صاحب شركة الشخص الواحد سيئ النية في حال قام بإيقاف نشاطها أو تصفيتها قبل انتهاء مدتها أو قبل تحقيق الغرض من إنشائها كان مسؤولا عن التزامها في أمواله الخاصة، وذلك لعدم إضرار الغير حسن النية، وباقي الأحكام التي تسري على شركة الشخص الواحد أحالها المشرع الكويتي إلى الأحكام المنظمة للشركة ذات المسؤولية المحدودة.
حصص رأس المال
لا تستطيع الشركة النهوض بأعبائها بغير رأسمال يكفي المواجهة ويتكون رأس المال من الحصص التي تقدم حيث تمثل رأس المال الضمان لدائني الشركة إضافة إلى ما لدى الشركة من موجودات، ويقدر رأس المال بالنقود ايا كانت الحصص التي تقدم.
الحصص العينية
أجاز المشرع الكويتي أن يشمل رأس المال في شركة الشخص الواحد على حصص عينية وذلك وفقا للأحكام المنصوص عليها في المادة 11 والمادة 87 من قانون الشركات سالف الذكر.
والحصص العينية هي التي يكون محلها مال آخر غير النقود وهذا المال قد يكون عقارا مثل الأراضي والأبنية وقد يكون منقولا مثل الآلات والسيارات والأدوات والبضائع وتعد هذه الحصة جزءا من رأسمال الشركة وهو يمثل ذمة الشركة وضمان الدائنين.
الذمة المالية لشركة الشخص الواحد
الذمة المالية، هي مجموع ما يكون للشخص من الحقوق وما عليه من التزامات مالية حاضرة بناء عليه تتكون الذمة المالية من عنصرين:
1- العنصر الإيجابي: ويطلق عليه بالأصول وهو عبارة عن مجموعة من الحقوق والأموال الموجودة فعلا وكذلك الحقوق المالية المتوقعة في المستقبل.
2ـ العنصر السلبي: ويطلق عليها بالديون أو الالتزامات طبقا لأحكام شركة الشخص الواحد فإن مسؤولية الشريك فيها عن الالتزامات المترتبة على الشركة وخسائرها تكون بمقدار حصته في رأس المال مما يعني أن الشريك غير مسؤول إلا بالقدر الذي يشارك منه وأن الحد الأقصى للخسارة الذي يمكن أن تلحق به هو ذلك الجزء الذي قام بتخصيصه في شركة الشخص الواحد وبناء عليه فإن الذمة المالية للشريك ستكون غير مسؤولة عن ديون الشركة.
عدد شركات الشخص الواحد
الملاحظ ان المشرع الكويتي لم يحدد عدد الشركات التي يجوز للشخص الواحد القيام بتأسيسها مما يستفاد منه بطريقة غير مباشرة أن المشرع الكويتي قد منح الحق للأشخاص في تأسيس أكثر من شركة تتكون من شخص واحد وهذا التوجه صحيح لحاجة السوق لظهور العديد من الشركات وبالتالي زيادة فرصة العمل وإنهاء حالة البطالة.
الإدارة والأصول
يتولى إدارة شركة الشخص الواحد مدير قد يكون هو الشريك الوحيد وقد يكون المدير من خارج الشركة ولا بد أن يكون المدير شخصا طبيعيا وتكون له مدة محددة ويحق لصاحب الشركة أن يقيل المدير ويحق للمدير أن يطالب الشركة بالتعويض جزاء عزله دون مبرر مقبول إن كان في وقت غير مناسب ويحق للمدير الاستقالة بشرط أن تكون استقالته مبررة وفي وقت مناسب أو يحق للشركة المطالبة بالتعويض لأن ذلك يعد تعسفا في استعمال الحق.
ويجب أن تتوافر بعض الشروط للمدير كأن يكون شخصا طبيعيا وأن يكون كامل الأهلية بأن يبلغ السن القانونية وأن يكون أهلا وكفاءة وكذلك يجب إشهار المدير بأن يتم تسجيل اسمه لدى السجل التجاري من أجل حماية الغير حسن نية الذي يقوم بالتعامل مع هذه الشركة.
صلاحيات المدير
يكون لمدير شركة الشخص الواحد الصلاحيات الكاملة في إدارة الشركة، وذلك طبقا لما هو مبين في نظامها الأساسي وتعتبر الشركة ملزمة بأعمال وتصرفات المدير في مواجهة غير الحسن النية.
كل قرار يصدر من الشركة بتقييد سلطات المديرين أو بتغييرهم لا يكون نافذا إلا بعد قيدها في السجل التجاري.
إنهاء عمل المدير
1- انتهاء المدة ويكون ذلك عندما يتم تحديد مدة منصبه كمدير الشركة.
2- وفاة المدير أو فقدانه للأهلية.
3- عزل المدير: ويتم ذلك عادة في حالة أساء استعمال سلطاته وصلاحياته الممنوحة له أو أن أظهر تقصيرا وعدم القدرة على القيام بأعباء منصبه.
4- استقالة المدير حيث يحق للمدير أن يقدم استقالته حتى لو نص قرار تعيينه على ما يخالف هذا الأمر بشرط أن يتم ذلك في وقت مناسب ولسبب مقنع أو يعتبر ذلك تعسفا في استعمال الحق.
الفرق بين شركة الشخص الواحد وشركة ذات المسؤولية المحدودة
1- يكون عدد الشركاء في الشركة ذات المسؤولية المحدودة عددها من 2 إلى 20 شخصا أما في شركة الشخص الواحد فيتكون من شخص واحد فقط.
2- فيما يتعلق بتعيين المدير فإنه يلتزم في شركة ذات المسؤولية المحدودة اختيار المدير بناء على قرار تعيين بموافقة أغلبية من مالكي رأس المال وهذا الوضع مختلف عن شركة الشخص الواحد، حيث يتم اختيار المدير بقرار فردي.
3- وهناك اختلاف كذلك بالنسبة لعزل المدير ففي الشركة ذات المسؤولية المحدودة يتم باتفاق غالبية الشركاء أما في شركة الشخص الواحد فيتم ذلك بقرار من الشريك الوحيد في الشركة وان كان هذا قابل للعزل في هذه الحالة.
4- بالنسبة للجمعية العامة لهيئة مراقبة فيختلف الوضع أيضا في الشركة ذات المسؤولية المحدودة عنه في شركة الشخص الواحد لعدم وجودها في النظام القانوني الأخير.
5- أما فيما يتعلق بمسألة تحويل الشركة فنجد ان شركة ذات المسؤولية المحدودة بإمكانها أن تتحول الى شركة تضامن في حال زاد عددها عن العدد المطلوب أما شركة الشخص الواحد فبإمكانها أن تتحول إلى شركة ذات المسؤولية المحدودة في حال زاد عدد الشركاء عن شريكين.
6- انقضاء الشركة: تنقضي شركة الشخص الواحد بموت الشريك الوحيد أما شركة ذات المسؤولية المحدودة فلا تنقضي بوفاة أحد الشركاء إلا في حال نص عقد التأسيس على ذلك.
شروط ومحظورات
1- يشترط في شركة الشخص الواحد إدراج عنوان الشركة واسمها ورأسمالها مضافا إليها عبارة (شركة الشخص الواحد) أو (ش.خ.و) على جميع الأوراق والمطبوعات التي تستخدمها في أعمالها وجميع العقود التي تبرمها مع الغير، وذلك طبقا لما ورد في المادة 57 من القرار رقم 287 لسنة 2016 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم 1 لسنة 2016 بإصدار قانون الشركات.
2- أن يكون مالك رأس المال في شركة الشخص الواحد كويتيا.
3- يجب أن يكون للشركة غرض محدد أو أكثر وأن تتقيد بالغرض المبين في عقدها ويجوز ممارسة الشركة لأعمال أخرى بشرط أن تكون مكملة أو لازمة أو مرتبطة بالغرض الذي أنشئت من أجله.
4- يجب أن تكون حصة الشريك مبلغا معينا من النقود أو حصة عينية.
5- لا يجوز توزيع أرباح صورية للشركة.
6- تلتزم الشركة بالأعمال والتصرفات التي يجريها مديرها باسمها ولحسابها وإذا كان مما يدخل في غرض الشركة.
7- يحظر على الشركة أن تمارس أعمال البنوك أو أعمال التأمين أو استثمار الأموال لحساب الغير.
8- لا يجوز أن تكون حصص الشركاء في شكل أسهم قابلة للتداول.
9- لا يجوز لمدير الشركة أن يتولى إدارة شركة أخرى منافسة أو ذات أغراض مماثلة إلا إن كان بإذن من مالك الشركة.
10- أن يتضمن عقد الشركة تعيين مراقب للحسابات بالشروط المعمول بها في وزاره التجارة والصناعة.
متى تنقضي شركة الشخص الواحد؟
1- تنتهي الشركة بانتهاء الميعاد المعين لها أو بانتهاء العمل الذي قامت من أجله.
2- عند إبرام عقد الشركة يقوم الشركاء عادة بتحديد ميعاد معين تنتهي في نهايته الشركة وبذلك تنقضي بقوة القانون إذا انتهى الأجل المحدد لها بالعقد.
3- تنقضي الشركة إذا تم تنفيذ العمل والغرض من إنشائها، وبانتهاء الغرض الذي تأسست الشركة لأجله تنقضي الشركة بقوة القانون.
4- تنتهي الشركة بهلاك جميع مالها أو جزء كبير منه حيث لا يوجد أي فائدة من استمرارها.
5- تنتهي الشركة بموت الشريك الوحيد أو إعساره أو إفلاسه.
6- انقضاء الشركة بحكم قضائي ويتم هذا الحل بواسطة المحكمة وقبل الميعاد المتفق عليه بناء لأسباب عديدة.
7- تنتهي الشركة بالاندماج وتغيير شكل الشركة حيث يتم تكوين شركة جديدة وتحل محل الشركة السابقة من الناحية القانونية فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات وذلك في حدود ما اتفق عليه في حقوق الإندماج.
8- هلاك جميع أموال الشركة أو معظمها حيث يتعذر الاستمرار.
9- وفاة الشريك يجوز النص في العقد باستمرار على ورث المتوفى.
10ـ تصفية أموال الشركة ويقصد بها مجموعة من العمليات التي تهدف إلى إنهاء أعمال الشركة وتسوية كل حقوقها وديونها لتحديد الصافي من أموالها وتتم التصفية طبقا لأحكام القانون وتحتفظ الشركة خلال التصفية بالحصة الاعتبارية ويضاف إلى اسم الشركة (خلال مدة التصفية).