الحرب بين الولاء والكفاءة – بقلم : مفرح العنزي
لا يمكننا الحكم على النظرية قبل تجربتها لأن التجربة خير برهان، وهنا نجد أن الولاء لا يعني سوى رابط اجتماعي أو سياسي أو مصلحة أو عاطفي، فالولاء للقومية العربية في زمن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر هو عبارة عن ولاء سياسي عاطفي محدود، لأن العرب وقوميتهم وجغرافيتهم مجرد حبر على ورق، ولكن بعد الإسلام أصبح لهم كيان سياسي وعسكري قوي جدا استطاعوا من خلاله هزيمة الامبراطورية الفارسية والامبراطورية الرومية (جيوش أوروبا) والظريف في الموضوع أن الأشخاص الذين أسسوا القومية العربية أغلبهم مسيحيون عرب وانتهت القومية العربية بغزو صدام حسين للكويت عام 1990.
والولاءات مهما تعددت أو تشعبت سيكون مصيرها مشابها لمصير القومية العربية باستثناء الولاء للإسلام وهو دين العرب والمسلمين والذي حقق من خلاله العرب إنجازات تاريخية عظيمة تكاد في بعض الأحيان أن تقترب من الخيال.
فالرسول محمد صلى الله عليه وسلم منذ بداية الإسلام لم يتحيز إلى قبيلته قريش، بل حارب جهلها في الدين وكان ينتقي الكفاءات من اتباعه بغض النظر عن انتماءاتهم القبلية أو العرقية ويوليهم المهام المناسبة لهم، أما الولاء الوحيد في دولة محمد صلى الله عليه وسلم فهو الإسلام.
والإسلام بطبيعته النقية عبارة عن قانون حياة للفرد وللدولة فهو يصلح الفرد ويصلح الوالي منذ نعومة أظفاره قبل أن يتولى قيادة الدولة ويرسخ العدالة بين الفرد ونفسه وبين الفرد وعائلته وبين الفرد وزوجاته الأربع وبين الفرد وراعيه (كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته).
وبما أن الكفاءة مهمة في إدارة الدولة إلا أنها هذه الأيام تقع في فلك الولاءات السياسية والقبلية والأسرية والزمن لا يستطيع أحد أن يوقف عجلته فقد تمر السنين ويتقدم بك العمر وانت غافل والدولة أيضا غافلة بسبب دورانها في فلك الولاءات الفارغ علميا وإداريا وعليه سيبقى كل شيء كما هو عليه وقد نصل إلى مرحلة اليأس والإحباط التام بعد أن يتقدم علينا من كنا نعتقد أن حضارتنا سابقة لحضارته.