أحيانا تُدار بعض المؤسسات سواء كانت حكومية أو بالقطاع الخاص بأساليب أقل من مستوى إدارة بقالة متواضعة في شارع فرعي بسبب أن من يتربعون على مقاعد إدارتها هم من فازوا بهذه المواقع بالمجاملات أو بالترضيات أو بشراء الولاءات مما أدى إلى أداء شديد التواضع وقرارات خالية من الحياء الإداري، إذ يكون العبث بالقرارات مكشوفا وواضحا للجميع وأنها ليست من مقتضيات المصلحة العامة على الرغم من أن في مقدمتها تتصدر الكلمات أنها اتخذت بناء على مقتضيات المصلحة العامة أو مصلحة العمل.
ومن يقوم بإصدار تلك القرارات بعد أن فقد الحياء الإداري فإنه فقد الحياء السياسي أيضا مما جعل إدارة المؤسسة بلا حياء وأصبحت وكرا لتكريس الفساد ومن ثم كانت أهمية الرقابة المحايدة والموضوعية على أداء المؤسسات من خلال الجهات الرقابية المختلفة ولعل أهمها الإعلام الحر والمجتمع المدني اليقظ والحريص على حفظ الحياء الإداري والسياسي والساهر على مصلحة المؤسسات والوطن. وقد تحتاج بعض المواقع إلى تأهيل لإعادة حيائها الإداري وانتشالها من براثن الفساد والمفسدين لتساهم في تطوير المؤسسة والبلاد.
وإن قيام المؤسسات سواء كانت حكومية أو غير حكومية بأدوارها التنموية ليس من المهام الصعبة خاصة عندما يتولى زمام القيادة من يتمتعون بالعلم والخبرة والرؤية والتخصص والحياء الإداري والسياسي الذي لا يتعارض مع الجرأة والجسارة في مواجهة التحديات بعد تشخيصها بأسلوب علمي، أما المؤسسات الأخرى التي لا تتوافر فيها هذه القيادات فإنها تكون آيلة للسقوط وتحمل من مقومات الفشل أكثر من النجاح.
إن ما نحتاجه هو تطوير إداري حقيقي ينطلق من إدارة ورؤية واعية واستشراف المستقبل وتشخيص علمي للواقع دون اللجوء إلى قرارات تفتقد الحياء الإداري والسياسي ومن ثم تقود للفشل بينما تتستر بادعاء أنها بسبب مقتضيات المصلحة العامة المزعومة.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إن لم تستح فاصنع ما شئت» فالحياء من شعب الإيمان وله فضل عظيم والحياء لا يأتي إلا بخير، فالحياء الإداري والسياسي هما من أنواع الحياء الذي يجب أن يتحلى به كل إنسان سواء كان موظفا عاديا أو في مركز القيادة لبناء مجتمعات قوية قادرة على التنمية والتطوير والرقي.
