لا يختلف اثنان على أن اللغة العربية «لغة الضاد» لغة القرآن الكريم، تعرضت مرارا وتكرارا للتهميش والتغريب، وأولى الخطوات كانت بالدعوات إلى التواصل الإنساني عبر اللهجة العامية لكل دولة أو إقليم في المشرق أو المغرب العربي، لما تأثرت به من تغيرات سياسية وانفتاح العرب على العالم الآخر في فترة الاستعمار الغربي بعد توالي حكم الممالك الإسلامية غير العربية، فتصدى لذلك علماء اللغة العربية، وهم أهل اللغة في المنطقة العربية.
وكان لثقافة التواصل الإنساني في مجتمعاتنا دور كبير في تغريب اللغة العربية في موطنها، فالدعوة لتعلم اللغات الأخرى ودمج بعض ألفاظها خلال التواصل في مجتمعاتنا يعتبر خطوة على طريق التغريب للغة، استهلاك اللغة العامية وجعلها لغة أولى وليست لهجة تطبق في البرامج التلفزيونية العربية والفضائيات التي تبث من بلداننا، خطوة أخرى على طريق التغريب والتغييب للغة العربية وضياع دورها الكبير في حفظ الثقافة والحضارة العربية والتراث الديني الإسلامي والإعجاز القرآني والمشرقي.
انطلقت كثير من المنصات العربية لتسليط الضوء على اللغة العربية، وإعادة إحياء علومها بالتلقي والتلقين والتحفيظ والمناقشات والبحوث والدراسات اللغوية الصحيحة لمصطلحاتها، وإعرابها وبلاغتها ومع الأسف أن اللغة العربية في تراجع كأداة تواصل اجتماعي بين الشعوب العربية، وذلك أحد الأمور التي تنال من ارثنا التاريخي والحضاري.. فإذا أردت أن تقتل شعبا فاقتل لغته.
وفي خضم عملنا الصحافي والإعلامي في الكويت، فإن لي الكثير من الملاحظات على تراجع قوة تمثيل اللغة العربية ومخرجاتها في الحياة اليومية والتعليمية، وحتى المستوى فكله يحتاج إلى إعادة تأهيل في المدارس وفق أحدث الأساليب عبر مجموعات مختصة، ونجد أن هناك مجاميع تطوعية تعمل ليل نهار على إيصال اللغة العربية وعلومها، لمن يريد الازدياد من المعرفة ولغير الناطقين بها في بلادنا والبلاد العربية الأخرى.
تميزت مجموعة «التنال العربي» المنصة اللغوية التطوعية لإحياء روح اللغة العربية، وتعزيز دورها في المجتمعات العربية والإسلامية وغير الناطقين باللغة العربية، اتخذت عهدا على إعادة تعريب الشارع العربي، ورفع المستوى اللغوي في ميادين العمل في جميع جوانب الحياة وعرفت بشهادة الكفاءة الدولية في اللغة العربية والتي تأسست في مملكة الأردن الشقيق وتضم نخبة من الكويتيين وأبناء الدول العربية، ومن اللافت أن هذه المجموعة الطيبة النخبوية من علماء اللغة العربية والعاملين في مجالها.. ولذا كانت الدعوة للمهتمين بالعمل في هذا المشروع بالتطوعي الذي من شأنه تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية في التعيين والتوظيف، وبناء اختبارات بمنزلة البنية التحتية للهرم الجامعي والتعليم العالي، فاللغة هوية الأمة ومشروع «التنال العربي» ما هو إلا إحياء لهوية الأمة التي ضاعت بين أدوات العولمة الحديثة، لذا مثل هذه المشاريع تعد مشاريع تنموية فكرية مستدامة.
كلمة: نتمنى من المسؤولين المعنيين دعم جهود فريق التنال العربي في الكويت ومساندته واستقبال منتسبيه وإرشادهم في تأدية دورهم المهم تجاه اللغة الأم لغة القرآن.
