وبعد حرب ضروس بين القشتاليين والمسلمين في غرناطة (آخر ممالك المسلمين في شبه القارة الإيبيرية) قرر أبو عبدالله الصغير خليفة المسلمين تسليم مفاتيح غرناطة إلى إيزابيلا ملكة قشتالة في مشهد عنوانه الذل والإهانة، ليكون هذا التاريخ 1492 هو آخر تاريخ لتواجد المسلمين في العمق الأوروبي، فتحولت بعدها بلادهم العامرة كالحمراء وإشبيلية إلى مدن داخل كنف قشتالة وملكتها وملك الاراغون والممالك الأوروبية! ولكن قبل ذلك التاريخ ومنذ عبور طارق بن زياد بجيشه الزاحف إلى مملكة القوط ووضع أول قدم للمسلمين هناك، كان تاريخهم الزاهر والزاخر علامة فارقة في تاريخ أوروبا خاصة، والعالم عامة، فكانت الدولة التي بناها صقر قريش امتداداً لدولة بني أمية في الشام بعد سقوطها هناك، دولة ذات استقلالية تامة عن العالم الخارجي، فكان للمسلمين هناك صناعة واقتصاد وتجارة وعلوم وفلك وهندسة وفنون، لذلك نسمع عن الموشحات الأندلسية والجغرافية وقائمة الاختراعات التي أُنجِزت في عصرهم تطول ومنها: الصابون، ولعبة الشطرنج، والأغطية بالبِطانة القماشيّة، وفنون العمارة الإسلاميّة، وبناء القباب، والأقواس، وآليّة تبريد وتدفئة القلاع، وصناعة الخنادق والأنفاق والطواحين الهوائيّة.. وفكرة الطيران التي بادر في تطبيقها والتحليق للمرة الأولى عباس بن فرناس، الذي نُسب الفضل لبعد سقوط غرناطة بسنوات إلى الأخوين رايت! وطبعاً لو تبصّرنا في بعض الأمور وتعمقنا بها لوجدنا أن هُناك دسائس نُصبت في فخ ما يسمى «التاريخ»، فهناك أمور يجب إعادة النظر فيها مثل اكتشاف العالم الجديد المسمى بقارة أميركا «الجنوبية والشمالية»، فلو تمعنا في تاريخ اكتشافها لوجدنا أنه تم الاكتشاف بعد سقوط الأندلس مباشرة ومن داخل قصر الحمراء أمرت الملكة إيزابيلا تمويل رحلة كولومبس وإصدار الأمر في ذلك ليعبر بعدها المحيط الأطلسي المسمى في حينه بحر الظلمات، لينسب الفضل له زوراً وبهتاناً، لشخص لم يجتهد في شيء سوى أنه أخذ اكتشاف غيره ونسبه إلى نفسه! ناهيكم عن أن كمية الكتب التي اُحرقت في ميادين الزهراء وغرناطة فاقت 6 ملايين مؤلف كتبها علماء مسلمون على مدى عقود مضت، تم سرق بعضها وأحرق البقية ليعيش العالم الإسلامي في غياهب الجهل منذ سقوط منارتهم الأندلسية حتى يومنا هذا، لينشغلوا عن الفلك والعلوم بـ«ستار أكاديمي» و«أكاديمي ستار».. وان كان هناك تاريخ فيجب أن يؤرخ التاريخ مرة أخرى وأن يغربل المصطلح مرة أخرى إلى «تأريخ التاريخ» والأيام دول!
