التحلطم هو الشكوى بمناسبة ومن دون مناسبة، حتى تصبح جزءاً من ثقافة الفرد والمجتمع. ومقابل التحلطم، هناك الإيجابية، وهي أن نفعل شيئاً مفيداً، بدلاً من الشكوى وعمل لا شيء. اعجبتني هذه القصة: كان جاك برابهام في المقدمة في سباق السيارات في سنة 1959، ولكنه عند اللفة الأخيرة من السباق توقفت سيارته بسبب نفاد الوقود. كان بإمكانه أن يلقي بخوذته، ويتحلطم، ويترك السباق. ولكنه قام بما لم يفعله أحد من قبل: خرج من سيارته وبدأ في دفعها بنفسه باتجاه خط النهاية. بينما كان كل متسابق يمر من أمامه، كان جاك يدفع بنصف طن من المعدن الثقيل باتجاه خط النهاية. وعندما ركضوا إليه، وجدوا أنه استطاع أن يفوز بالمركزالرابع، مما كان كافياً لجعله بطل العالم في عدم الاستسلام. هذا هوالفرق بين التحلطم والإيجابية. التحلطم هو أن تقول كما قال سعد زغلول «مافيش فايدة»، والإيجابية أن تقول كما قال مارتن لوثر: «لديّ حلم». التحلطم أن تكرر تعبير «الشق عود» ببكائية مؤلمة، والإيجابية أن تؤمن «عندما تكون هناك إرادة، فهناك طريقة». التحلطم هو أن تتهكم على الظروف وتأسف على نفسك والآخرين، والإيجابية أن تفكر في حل، ولو من خارج الصندوق. كان قانون سباق السيارات بالنسبة لجاك يقول إن على السائق والسيارة أن يجتازا خط النهاية، ولكن لم ينص القانون أن على السائق أن يكون داخل السيارة، عندما يفعل ذلك. نحن لا نتحلطم في السياسة فقط، ولكن نتحلطم في كل شيء: في الدوام، وفي البيت، وفي الحياة. ولا يعني عدم التحلطم أن كل شيء على ما يرام، ولكن يعني أن الشكوى ليست هي الحل. نحن لسنا مجتمعاً مثالياً ولن نكون. ولكن غياب المجتمع المثالي هو الذي أدى إلى نشأة التقييم feedback، والنقد البنّاء، والاختراع، وابتكار البدائل، والعصف الذهني، وتجويد الأداء. النائب لا يتحلطم ولكن يقترح قوانين، والمراجع لا يتحلطم ولكن يوصل رأيه لمن وضع اللوائح المنظمة لتقديم الخدمات، والطالب لا يتحلطم، ولكن يتكيّف مع ظروف التعليم غير المثالية التي فرضتها الجائحة. إنها ليست دعوة للسكوت على العيب أو الخطأ، ولكن دعوة لممارسة الفعّالية في تصحيح الأوضاع.
