ماذا يحدث في «كاظمة»؟! – بقلم : يوسف عبدالرحمن
الأخ معالي وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب عبدالرحمن بداح المطيري له تصريحات وقرارات طيبة هذه الأيام لتأهيل وتطوير المباني التاريخية، وعقوبات رادعة لوقف التعديات على المباني التاريخية القديمة! وكذلك تجب الإشارة إلى جهود الأمين العام للمجلس الوطني الأستاذ كامل العبدالجليل في هذا المجال.
وهنا أحب أن أذكّر المسؤولين في الدولة بأهمية موقع الكويت الجغرافي والتاريخي كما دلت البعثات التي تنقب عن الآثار أن الكويت من أقدم المناطق في الشرق القديم التي استوطنها الإنسان، كما دلت آثارنا المكتشفة في الصبية ووادي الباطن وجزيرة فيلكا (ايكاروس) والمستوطنات الهلنسكية والأختام الدلمونية.
واضح أن بعثات التنقيب التي قدمت إلى الكويت قبل التحرير أثبتت وجود مناطق بها آثار، والخافي أعظم ولم يكتشف حتى هذه اللحظة مثل كاظمة، كما أن «كاظمة» إصدار إعلامي كويتي صدر في عام 1948 مجلة شهرية ترأسها أستاذنا الشاعر أحمد السقاف، رحمه الله، وتوجد منها 9 أعداد فقط!
اتصل بي الدكتور الأديب والشاعر والمؤرخ د ..يعقوب يوسف الغنيم – أبو أوس – وطلب مني أن أثير في زاويتي ما يحدث الآن في كاظمة!
وللعلم والحقيقة، يحق لنا أن نُطلق على د.يعقوب الغنيم (عاشق كاظمة) فهو أول من كتب عن كاظمة في سنة 1957 عندما كان (طالبا) في السنة الرابعة الثانوية بمعهد الكويت الديني، ثم نقح ما كتبه وطبعه في عام 1958 عندما التحق بالدراسة الجامعية في القاهرة.
لقد اطلعت على الكتاب الذي أهداني إياه أبو أوس، والذي طبع في عام 1995 بعنوان: «كاظمة في الأدب والتاريخ» وهو إصدار قيم (مرجع) توثيقي شامل لمنطقة كاظمة وما جاورها!
يقع الكتاب في 168 صفحة من القطع المتوسط ويضم معلومات قيمة عن كاظمة عبر التاريخ والمراجع وفهرسة الأماكن، وينقلك من جزيرة العرب إلى وصف كاظمة، وأقوال المحققين والأماكن القريبة من كاظمة وأسباب شهرة كاظمة، وكيف كانت سكنا للأوائل، والحروب التي شهدتها، والشعراء الذين مروا بها وسكة الحديد وآثار كاظمة، وقد خص العم د.يعقوب الغنيم الأستاذ الكبير محمود محمد شاكر، رحمه الله، على ما قدمه من إثراء للكتاب، وأعجبت بالخرائط التي قدمها د.عبدالله يوسف الغنيم وهي خرائط تاريخية حقيقية وليست مزورة!
لقد ذهبت إلى كاظمة ورصدت تعديات كثيرة في منطقة الخويسات وبر كاظمة، ورأيت ما حذر منه أبو أوس (مخيمات – حظائر – حصارات للغنم – الطرق الرملية مداسة بالبقيات وسيارات الـ 4 ويل)!
هذا كله ضار جدا بالنباتات والبيئة وربما (تقطع الشجيرات) الموجودة، وكلنا شاهدنا أن هناك عصابات تقوم بقطع الأشجار التي في براري الكويت وتقوم ببيعها على شكل (حزم صغيرة) للكشاتة الذين يرتادون البر!
كما أن البحر هناك يحتاج للمزيد من الرقابة للحفاظ على البيئة البحرية، فالقوارب والسيارات المهملة تعد خطرا على بيئتنا البحرية والبرية!
إن مواسم التخييم بات من الضرورة أن يلتفت إلى الأماكن التي بها آثار مثل فيلكا وكاظمة والصبية!
كقارئ للتاريخ، أنا مع العم د.يعقوب الغنيم في دعوته لإنقاذ كاظمة، فهذه المنطقة ما هدأت بها الأحداث عبر التاريخ وهي الاسم الذي تعرف به منطقة الكويت تاريخيا في الخرائط الملاحية والأطالس، وظلت عبر الدهور أرض سلام وحروب وتنمية، ونرجو أن (تحصن) بالقرارات التي تحافظ على ملامحها حتى لا تتغير على يد من يمارسون السباقات الجنونية والتقحيص ويشكلون رعبا وخطرا على حياة المرتادين لهذا المكان الحيوي الذي يتطلب اتخاذ إجراءات قانونية تمنع السباقات والاستعراضات وسيارات (البقي) البيتش بجي، ومنع حتى السيارات التي تغوص بالرمال ويتطلب إخراجها استخدام الكرينات والشاحنات!
إن بإمكان الدولة أن تحول كاظمة والخويسات وجال الزور وجبال قضي الى معالم سياحية تحقق العائدات المالية والاقتصادية؛ لأن الناس تحب الطبيعة، وبات من الضروري تحويل هذه المناطق الى محميات ذات أبعاد ثقافية وتراثية!
٭ ومضة: لقد كتب د.يعقوب يوسف الغنيم في 2010/3/31 في زاويته: «الأزمنة والأمكنة» صفحتين في جريدة «الوطن» بعنوان «كاظمة.. إلى الأبد» لأنه يعبر بصدق عن رأي المواطن الكويتي وحبه لكاظمة في نفسه وأن لها منزلة ثابتة لا يغيرها الزمان، وان تاريخ هذه المنطقة من الكويت يحتم علينا الحفاظ عليها بكل الصور المطلوبة؛ لأنها من أقدم المناطق بالخليج والجزيرة.
٭ آخر الكلام: كتاب د.يعقوب يوسف الغنيم «كاظمة.. في الأدب والتاريخ» يجب أن يُدرَّس في المقررات المدرسية، فهو مرجع موثوق، حيث إن كاظمة منطقة تاريخية تؤكد استقلالية الكويت من كل الادعاءات!
٭ زبدة الحچي: إلى المسؤولين في الدولة.. «كاظمة» اليوم وغيرها من المواضع التاريخية تستصرخ ضمائرنا بأن نهب للمحافظة عليها؛ لأنها هويتنا التاريخية.
أرجو ألا تضيع صرخة (عاشق كاظمة) ضاما صوتي وكل أخيار الكويت المحبين والحافظين للتاريخ ومواضعه التاريخية.. أرجو!
في أمان الله..