أعظم عوامل الشفاء ،،، بقلم / أ.د لطيفة حسين الكندري
انتشرت الأمراض الروحية والبدنية، وتفاقمت العلل الاجتماعية في الحياة المدنية. لقد سيطرت القيم المادية على جوانب حياتية مختلفة، فأفسدت العلاقات وزادت حالات الاكتئاب والقلق والوسواس، وباتت مكاتب الاستشارات التخصصية ذات أهمية أكبر من ذي قبل. واستجابة لما سبق، لجأ الناس إلى الطب البديل وسارعت المنظمات الصحية والدينية والنفسية والاجتماعية إلى تقديم المزيد من الحلول لتخفيف آلام البشر والحد من حالات التوتر. وفي هذا المجال يمكننا أن نلاحظ تأثير القناعة الشخصية – الايجابية والسلبية – في تأثير العلاج، لأن البرمجة العقلية السليمة عظيمة الأثر في الصحة الجسدية والروحية معا. وتأسيسا على ما سبق، فإن تقدير الفرد لنفسه وثقته بقدراته يعتبران طاقة ايجابية مذهلة لها انعكاسات هائلة على حياتنا، لأن إرادة الشفاء لا تقل أهمية عن فاعلية الدواء. لهذا فإن ايجاد بيئة داعمة حول المريض لجبر خاطره، ورفع معنوياته من مستلزمات الرعاية الصحية. ويرتبط بما سبق ظهور أدوية ترتكز على الإيحاء أو ما يعرف بالدواء الوهمي؛ «بلاسيبو» Placebo وهي كلمة لاتينية تعني «سأتحسن» أو «سأكون بأفضل حال». اكتشف هذا الدواء الجراح الأميركي هنري بيتشر في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، ويُصنع من مواد طبيعية مثل الماء والسكر أو الملح بمقادير قليلة جدا ولا تأثير لها، ولكن يتم اقناع المريض بفاعلية الدواء الوهمي، والعجيب أن هذه الحيلة – في الغالب – تحقق نتائج ايجابية. هذا الشعور بالتحسن البدني والنفسي من أسباب فاعلية قناعة المريض وتعلقه بقابلية الشفاء. الدواء الوهمي؛ البلاسيبو قد يساعد على تخفيف الآلام الجسدية لمرض كورونا وغيره من الأمراض. وتأييدا للقناعة السابقة، قال الرازي «ينبغي للطَّبيب أن يوهم المريض أبداً بالصحة ويرجيه بها، وإن كان غير واثق بذلك فمزاج الجسم تابع لأخلاق النفس». ولقد أكد شكيب أرسلان الفكرة ذاتها قائلا «إن فقد الثقة بالنفس من أشد الأمراض الاجتماعية، وأخبث الآفات الروحية، لا يتسلط هذا الداء على إنسان إلا أودى به.. وكيف يرجو الشفاءَ عليلٌ يعتقد بحق أو بباطل أن علته قاتلته؟! وقد أجمع الأطباء في الأمراض البدنية أن القوة المعنوية هي رأس الأدوية، وأن أعظم عوامل الشفاء إرادة الشفاء». استغل البعض شيوع فكرة الدواء الوهمي القائم على مبدأ الإيحاء والبرمجة الإيجابية ليروج لكتب تجارية لا تستند إلى توجيهات أهل التخصص في الميدان الطبي، كما انفتح الباب لعدد من المدربين لعمل دورات تتعلّق بالشفاء والصحة البدنية، هدفها التحايل على المعرفة، وتدعيم السذاجة، ونشر ثقافة صحية سطحية. هذا الباب جعل البعض – بغرض الاستشفاء – يؤمن بعلاجات وهمية ترتكز على توظيف الأحجار والألوان وتطبيق ممارسات جسدية رمزية، رغم مصادمتها الصريحة لمعطيات العلوم الطبية والتعاليم الإسلامية. إن الايجابية برمجة – عقلية ونفسية – تقوم على دعائم الثقة بالله سبحانه، وهذا بالتأكيد مكمن قوة الإنسان صحيا وبدنيا وروحيا. إذا كان اليأس أساس البلاء، فإن التحلي بقوة الإرادة من أعظم عوامل الشفاء. أ.د لطيفة حسين الكندري