يعقوب الصانع يكتب: الإحلال وتقليص الوافدين… ما الحل؟
الكويت – النخبة:
لم يبق أحد في السلطتين التشريعية والتنفيذية إلا وتحدث في مسألة تقليص عدد الوافدين وإحلال الكويتيين.
ومعظم الذين تطرقوا إلى هذه المسألة الحساسة تمكنوا، بشكل أو بآخر، من «تشخيص» العلة، لكن أحدا لم يستطع وصف «العلاج» الناجع للتخلص من هذه العلة المزمنة، التي باتت تؤرق المجتمع، وترهق الاقتصاد، وتثقل كاهل الدولة، وتفاقم أعباءها.
لقد صار البحث الجاد عن حل جذري لهذه المسألة المعضلة أمرا ملحا، يجب إدراجه في رأس قائمة الأمور المستعجلة، والشروع فيه اليوم قبل الغد… وأي تسويف في علاجه، أو استخفاف بأهميته، أو استهتار بمخاطره، ينذر بما لا تحمد عقباه.
دعونا من المزايدات والكلام «المأخوذ خيره»، وتعالوا نتحدث بالعقل والمنطق، وبالاستناد إلى الأرقام والإحصاءات المثبتة في جهات الدولة الرسمية والأهلية، والتي تؤكد أن في الكويت أعدادا كبيرة من المواطنين المتقاعدين من الجنسين، وهؤلاء قادرون، بما لديهم من خبرات ومهارات في مختلف الميادين، على خلق قوة عمل «بديلة» فاعلة، يمكنها، إذا ما استثمرت بالشكل الصحيح، تعديل تركيبة سوق العمل، بل إعادة ترتيبها وتشكيلها من أساسها، بما يفضي إلى «إحلال» واقعي، وتاليا إلى تقليص حقيقي لأعداد الوافدين.
وحتى لا يتصور أحد أننا نقول كلاما تنظيريا مرسلا، أؤكد أنني أعددت دراسة مفصلة في هذا الشأن، سأقدمها في أقرب فرصة إلى رئيسي السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وقد ضمنت الدراسة شرحا كافيا وافيا لكيفية تطبيق سياسة إحلال الكويتي المتقاعد محل الوافد في الوظائف ذات التخصصات المهمة، مثل القانونية والمالية والعسكرية والهندسية والمحاسبية، وغيرها.
إن هناك الكثير من الكويتيين أصحاب الخبرات التراكمية الكبيرة يحالون إلى التقاعد، لبلوغهم السن القانونية، ولإفساح المجال لغيرهم من حديثي التخرج.
وهؤلاء المتقاعدون صرفت عليهم الدولة الكثير حتى أصبحوا من ذوي الخبرة والكفاءة في تخصصاتهم، وهم بالتالي أكثر كفاءة وأعمق خبرة من الوافد، فبدلا من توقيع عقد عمل أو عقد استشاري مع شخص وافد، ليكن التعاقد مع متقاعد كويتي، فهو إضافة إلى كونه أكفأ وأكثر خبرة، أولى بهذا الحق من أي وافد.
ويمكن أن نشير إلى بعض المزايا التي يوفرها هذا الاقتراح، ومنها:
– إحلال الكويتي مكان الوافد بمكافأة أقل، لأن الكويتي لديه معاش تقاعدي.
– المحافظة على سرية المعلومات، فقد يطلع الوافد، بحكم طبيعة عمله، على معلومات سرية وحساسة، وبالتالي قد تتسرب المعلومات. وكي نحافظ على الخصوصية والسرية، يجب أن يكون الكويتي هو المسؤول عن المعلومات.
– السيرة الذاتية التي يقدمها المتقاعد معروفة ومعتمدة، ومن السهولة التحقق من كفاءته، على عكس الوافد الذي ليس بالضرورة أن تعكس سيرته الذاتية حقيقته.
– سهولة التحقق من سلوك المتقاعد الكويتي وأخلاقياته، على عكس الوافد.
– تطبيق سياسة الإحلال بصورة حقيقية في القطاع الحكومي، الأمر الذي يخفف العبء عن كاهل الدولة، من حيث الخدمات العامة والطرق وغيرهما.
– معروف أن الوظائف ذات الخبرات الكبيرة، مثل المستشارين القانونيين وغيرهم، لا يستطيع حديث التخرج أن يغطيها، والكويتي المتمتع بهذه الخبرة سيحظى بلا شك بعمل وراتب عال يتناسب مع إمكاناته وخبراته، لكن بعد إحالته إلى التقاعد ستكون بالنسبة له مثل العمل الإضافي، أجر مقابل عمل.
وزير العدل ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السابق وعضو مجلس الأمة السابق