الكويت تحتاج رئيس حكومة يتمتع بمزايا قادة أنقذوا أوطانهم ،،،، بقلم / أحمد الجارالله
الكويتُ كلُّها تترقب تشكيل الحكومة الجديدة، فيما سمو الرئيس المكلف يبحث ويُفتش عن الشخصيات المُناسبة لتولي الحقائب الوزارية، وسط أجواء تشي برفض العديد -ممن جرى الاتصال بهم لتوزيرهم- المنصب، ما يعني أن الانتظار سيطول، وسيبقى البلد في فراغ دستوري.
أيضاً الجناح الآخر -أي السلطة التشريعية مُعطلة- ولذلك يغرق البلد في التأويلات والتخمينات، وتعج وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بالأسئلة حول المصير الذي ينتظر البلاد، مالياً واقتصادياً، بعد تراجع التصنيف الائتماني للمرة الثانية، في غضون أشهر، وكثرة التقارير الدولية عن التراجع في صندوق الأجيال، الذي هو مال سيادي، فيما ينظر إليه بعض الخبراء، قصار النظر، على أنه منجم يمكن الغرف منه لتغطية العجز، بينما الواقع أنه يُؤهل الدولة للاستدانة، على أن تبقى موجوداته بعيدة عن المس بها.
ثمَّة الكثير مما يمكن أن يُقال في هذا الشأن، لكنَّ الأهمَّ هو أن عدم الإقبال على التوزير سببه غياب الاستقرار الحكومي، وضعف الأداء الذي يترك ثغرات كثيرة ينفذ منها النواب إلى ابتزاز الوزراء ورئيسهم، فيزداد الفساد استشراءً بدلاً من الإصلاح، الذي يبدو أنه شعار إنشائي لن يرى النور أبداً، مادامت المُعالجات لاتزال على ما هي عليه، والسلطة التنفيذية تزداد غرقاً في الحيرة بين تلبية مطالب نواب تمرَّسوا بالانتهازية، وبين ضرورة ممارسة صلاحياتها التي تخلَّت عنها في سوق الصفقات ولم تعد قادرة، في ظلِّ التردد، على استعادتها.
في كلِّ الديمقراطيات الحقيقية تمارس كلُّ سلطة صلاحياتها من دون أي ضغط، وبعيداً عن إملاءات مبنية على مصالح نواب ومُتنفذين يسعون إلى ارتكاب المخالفات ورمي المسؤولية على السلطات الأخرى، ولهذا فإن التعاون بين الحكومة ومجلس الأمة لم يعد موجوداً في قاموس السلطتين؛ لأن الأخير يفرض ما يريده على حكومة ضعيفة، غير قادرة على المواجهة من ضمن ما حدَّده لها الدستور.
في المقابل، لا يبدو أنَّ النواب على عجلة من أمرهم في إطلاق عجلة التشريع والرقابة، فالظاهر أنهم مرتاحون لهذا الفراغ الذي يمنحهم فرصة أكبر لتسويق أنفسهم، في ظل حكومة لم تعرف يوماً كيف تواجه الأزمات، وتحسم قراراتها، ولهذا فإن الرغبات التي يُعلنها النواب، رغم مخالفتها للدستور والقوانين المرعية في البلاد، تدل بوضوح على هدم مبرمج لهيبة السلطة التنفيذية، فعلى سبيل المثال عندما يصرُّ هؤلاء على قانون العفو الشامل، من أجل ثلاثة أو أربعة أشخاص هاربين إلى تركيا من أحكام قضائية نهائية، فذلك يعني أن الحكومة غير قادرة على تبيان حقيقة الأمر للناس الذين تأخذهم الدعاية والصوت العالي.
نتيجة لهذا الواقع سيبقى كلُّ شيء في البلد مؤجلاً حتى إشعار آخر، فيما الوضع الاقتصادي يزداد سوءاً، ومع الإجراءات الاحترازية لمواجهة السلالة الجديدة من “كورونا” لا شكَّ أن عدد المؤسسات المقبلة على التعثر المالي والمُتخلفة عن سداد أقساط القروض للبنوك سيرتفع، وبالتالي إعلان إفلاسها، فيما الحل بقرارات مدروسة عبر حكومة تتلمس أوجاع الشعب، ولا تخضع لنواب انتهازيين.
ثمة أمثلة كثيرة في العالم عن رؤساء حكومات أنقذوا بلدانهم التي كانت تغرق بالتخلف والفقر، وجعلوها من أقوى الاقتصادات، ومن هؤلاء رئيس وزراء سنغافورة، ورئيسة وزراء بريطانيا، والمستشارة الألمانية، وغيرهم كثير، فهل يتعلَّم سمو رئيس مجلس الوزراء لدينا من تجارب تلك الدول؟