«العفو».. عند المقدرة! – بقلم : عبدالحميد المضاحكة
كما كان ملف إعادة الجناسي هو المحرك والمحفز الأساسي في انتخابات مجلس 2016، فإن ملف العفو عن المدانين في قضية دخول المجلس كان أيضا هو المحرك والمحفز في انتخابات 2020.
ربما يختلف أو يتفق المجتمع بشأن ملف العفو، ولكن الأغلبية يدركون أن الوضع الحالي استثنائي ومؤقت، وإيجاد حل لإعادة المياه إلى مجاريها ليس إلا مسألة وقت، لأن ما حدث ويحدث من أكثر الجروح النازفة التي لابد أن تعالج وتداوى، بأسرع وأقصر الطرق.
لن أتحدث عن الجوانب والآثار الإنسانية والأسرية، لأن الواقع لا يسعه الكلام ولا يمكن أن يوصف بأي شكل من الأشكال، بسبب معاناة المهجرين وذويهم الذين أسأل الله أن يصبرهم ويشد من أزرهم.
أتفق مع الفريق الذي يرى ضرورة طي الملف من خلال إعادة المهجرين، والتسامي على خلافات الماضي ومداواة الجراح، وفتح صفحة جديدة، كما هو الحال في أحداث وسوابق كثيرة في تاريخ الكويت، عندما أعادت الكويت أبناءها المهجرين المغتربين في العديد من المناسبات في الماضي، بل وضمتهم تحت مظلتها وصاروا جزءا منها.
إلا أن الحق يجب أن يقال، والأصوات يجب أن تسمع، ومن لا يعلم يجب أن يدرك، أن أسوأ ما في هذا الموضوع هو وجود من يستخدم ملف العفو كورقة للضغط بهدف عقد الصفقات السياسية، ليكون وسيلة للابتزاز والإخضاع والإذلال.
نعم هناك مزايدون على جراح الوطن، وهم مهما بلغوا، فلن يحظوا بالاحترام، لسبب بسيط وهو أن كلا من المؤيد أو المعارض للعفو، قد اتخذا مواقفهما ومواقعهما على أسس ومبادئ، على عكس الانتهازيين الذين يضعون مواقفهم في سوق السياسة بلا ضمير أو مراعاة أو اعتبار لحاجة الكويت أن تحتضن أبناءها.
فالعفو عند المقدرة من شيم الكبار والعقلاء والكرام وأهل الفضل، فلا تتوقعوه أو تلتمسوه من الصغار والجهلاء والحقراء وأهل الصفقات.
يقول الله تعالى (ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم ـ النور: 22).
ولا شك أن أغلب أهل الكويت قادرون على الغفران والصفح والعفو، بل هي بحاجة لهذه الخطوة كون ذلك ينسجم مع طبيعة المجتمع الكويتي المتسامح.