«الاستمرارية».. كلمة السر – بقلم : شذى الفوزان
عادة ما يكون الالتزام بالسلوكيات الجديدة بالنسبة لأي شخص أمرا صعبا، ومن الطبيعي أنه مع مرور الوقت تصبح هذه السلوكيات عادات يستوعبها المخ وتتراجع صعوبتها يوما بعد يوم.
ومن يتأمل حال الأشخاص الناجحين سيجد أنهم تعودوا على بعض العادات التي تمثل ثوابت في شخصياتهم وكانوا في البداية غير متكيفين معها أو ينفذونها بصعوبة.
إلا أن المشكلة لا تكمن في أن نتعود على تصرفات أو خطوات إيجابية في حياتنا، المشكلة تكمن في الاستمرار.. الاستدامة.
تلك الكلمة التي أراها سرا كبيرا من أسرار النجاح على المستوى الفردي أو الجماعي، ولننظر مثلا إلى الموظف الجديد الذي يعين في مؤسسة قد يكون نشيطا ومتميزا على المستوى الفني وتغمره حماسة البداية والانطلاق إلا أن عدم استدامته في تنفيذ عمله على نفس المستوى لمدة طويلة عادة ما يكون سببا قويا في ضياع مجهوده وذهابه هباء منثورا.
والمتأمل في واقع تصرفاتنا الآن يجد أن هناك الكثير من الممارسات التي تشير إلى حالة من التراجع عن الالتزام بما هو مفيد بشكل عام، حيث يبدو أن بعض الشرائح قد ملت من الالتزام مثلا بالتدابير المتبعة لمواجهة ما نمر به الآن فأصبحنا نرى من يكون في الأماكن العامة بدون كمامة أو بدون اهتمام بالتباعد الاجتماعي، حتى أن القائمين على متابعة الناس بشكل عام في هذا الشأن تارة يشددون على الناس وتارة أخرى يتهاونون بشكل ملحوظ ويظهر ذلك في الكثير من تلك الأماكن وبعض المرافق الحكومية.
لماذا؟ لأننا اتبعنا الشغف السلبي المتمثل في الضجر والملل من الالتزام وهذا بداية خيط الانهزام والتراجع.
نعم قد نشعر بشيء من الملل والضجر تجاه الالتزامات التي تكون على عكس إرادتنا وحريتنا وهذا أمر طبيعي، لكننا بحاجة إلى أن نذكر أنفسنا أن الأمر متعلق بالحياة نفسها.
وحديثنا هنا ليس فقط عن كورونا بل عن حالة من التراجع والتضارب في تنفيذ السلوك الإيجابي بشكل عام.
في الحديث الصحيح عن نبينا الكريم «إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم..» وهو ما يعني أن اكتساب الشيء يأتي بممارسته وإن كان صعبا على النفس. إن صيغة «التفعل» تعني أن نحمل أنفسنا على الشيء حملا حتى إن كرهناه.
يجب علينا ونحن نلتزم بأي سلوك جديد أن تكون أعيننا على الاستمرارية وليس النتائج، النتائج تأتي من تراكم الفعل نفسه، لكن الفشل الحقيقي هو التخلي عن الفعل أو السلوك الإيجابي والانتقال إلى مربع المخالفات اللا محدودة وبذلك نخسر كل شيء.
الاستمرارية ستفرض عليك يوما أن تصل إلى هدفك حتى بدون شعور وذلك لكونك جعلت السلوك الإيجابي جزءا من حياتك فكانت النتيجة الطبيعية هي تحقيق أهدافك.
ومن أبرز الحلول لمقاومة حالة التراجع أو التخلي عن السلوك الإيجابي أن نضع أمام أعيننا النتائج والثمار التي سنجنيها عند الاستمرار في التنفيذ وأن نجدد بداخلنا العلم بأن ما نواجهه من صعوبات في تنفيذ هذا السلوك هو أمر مؤقت وسينتهي في وقت ما.
وكذلك أن ننظر إلى عادات كثيرة نمارسها الآن بشكل عادي جدا رغم أنها في وقت من الأوقات كانت تمثل لنا معاناة على مستوى من المستويات. وقديما قالوا «لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر».
نحن نحتاج لأن نستنشق أكسجين «النفس الطويل» أكسجين سيعطينا الفرصة للإنجاز وقطف الثمار ولكن بعد صبر ومجاهدة.
فلنجعل لحظات الضعف والرغبة في الاستسلام التي تعترينا أحيانا هي ذاتها لحظات القوة وتجديد العزيمة ولا تنسى عزيزي القارئ «الاستمرارية أهم من النتائج وهي كلمة السر».