تاريخ العرب – بقلم : بدر سعيد الفيلكاوي
كل أمة معجبة بتاريخها، ولا يخلو تاريخ أي أمة من الدروس المفيدة، لكن هناك أمة تستفيد من تاريخها، وتنشأ على هذه الدروس أطفالها، وهناك أمة تحفّظ أطفالها التاريخ دون تحديد واستخلاص الدروس المستفادة منه، ومن أبرز الأشخاص الذين استفادوا من دراسة التاريخ والتفكر فيه هو العلّامة ابن خلدون، وليس بعجيب أن يظهر في الأمة العربية التي كانت حينها مركزا للعلم والتعلم، ومن خلال تحليله لعلم التاريخ استخرج نتائج أسس من خلالها علم الاجتماع.
يعرّف ابن خلدون علم التاريخ في مقدمته (هو في ظاهره لا يزيد على أخبار عن الأيام والدول والسوابق من القرون الأولى، وفي باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق، علم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق، فهو لذلك أصيل في الحكمة عريق، جدير بأن يعد في علومها خليق، فليس المهم الأخبار، بكثرة الدروس المستفادة من وراء هذه الظواهر، وكيف نعرف المستقبل من خلال الماضي.
النظرة العربية حاليا للتاريخ نظرة حالمة يغلب عليها الطابع الرومانسي، ننزه الأجيال السابقة من كل خلل، وهذا جميل كقصص وبطولات، لكنه قبيح بأننا نذكر الإيجابيات دون العيوب، وهذا يجعلنا نفقد أهم شيء في هذا العلم، وهو الاستفادة من العيوب، فكيف نستفيد من عيب ننكر وجوده، وفي نفس الوقت، نركز على الجانب العسكري منه، فلا تكاد تكون هناك حرب تاريخية، إلا ونعرف أحداثها وقوادها وطريقة انتصارنا فيها، وهذا كان له دور جميل بشحذ الهمم، والاقتداء بأبطال الأمة، أثناء مرورنا بالاستعمار، لكن الآن تغير الزمن، وأصبح العلم هو لغة العصر، ومازلنا نركز على أسماء السلاطين وقواد الحرب، وشبه جهل عام بالعلماء العرب وإنجازاتهم، إلا بعض الخطوط العريضة، فنحن محتاجون الآن إلى التركيز على تاريخ العلم والعلماء العرب، لشحذ الهمم وصناعة قدوات في المجال العلمي.