المسلسلات العربية وأسياد الدمى – بقلم : ذعار الرشيدي
عن تجربة شخصية، فإنه من السهل فهم أحداث أي مسلسل عربي فقط بمجرد مشاهدة الحلقة الأخيرة منه، فقط شاهد الحلقة الأخيرة من أي مسلسل عربي وستفهم 80% من الأحداث، ذلك أن المؤلف وكاتب السيناريو والمخرج في المسلسلات العربية يتركون الحلقة الأخيرة لشرح وتفسير كل حلقات المسلسل ووضع الخاتمة السعيدة.
***
هذا الأسلوب العربي في المعالجة الدرامية المبنية بشكل كامل على أسلوب الحكواتي جعل الدراما العربية متخلفة تماما، ربما يخرج عن هذا الإطار الحكواتي مسلسل او مسلسلان، هذا بشكل عام، أما المسلسلات الكويتية فهي لا تتبع أسلوبها في الإخراج طريقة الحكواتي العربية، بل تتبع أسلوب العجائز القصصي التي تحكيه لأحفادها بطريقة كان ياما كان مع خلطة بشيء من النميمة النسائية الطابع، لذا أغلبها يتم نسيانه في ذات العام الذي عرضت فيها ولا يعلق بالذاكرة المجتمعية شيء منها، بل بعضها يختفي من الذاكرة بمجرد انتهاء الدقيقة الأخيرة منها، بل لو دققنا على أداء أغلب ممثلي الدراما لوجدنا أنهم يمثلون بأداء مسرحي متكلف مبالغ فيه.
***
النتاج الثقافي هو انعكاس لواقع المجتمع، والنتاج الثقافي كمثل ما عرضت من واقع الإنتاج الدرامي يثبت أن مجتمعنا ليس بخير ثقافيا، الدراما لدينا لم تتطور منذ الثمانينيّات، بل إنها في الثمانينيات كانت أفضل محتوى، بينما اليوم هي افضل بالصورة فقط أما من حيث المحتوى أو الأداء أو الابتكار فصفر كبير على شمال المشهد الثقافي.
***
حتى العقلية السياسية لدينا تعاني من تخلف في الفهم والأداء بدليل أننا نعيد إنتاج مشكلاتنا في الصراع على النفوذ والتي تنعكس على الأداء الديموقراطي وتؤثر في ثقافة المتلقي، فنحن في الكويت منذ السبعينيات ونحن نعيد إنتاج الصراع على النفوذ والتي بانعكاساتها تضر بنمو البلد وتطوره، ليست المعارضة ولا النفس المعارض هما سببا تعطل التنمية وتخلف أداء بعض المؤسسات، بل الصراع السياسي الذي يتجدد مع كل حقبة، وحتى تفهم كامل المشهد الصراعي في كل حقبة عليك أن تنتظر الحلقة الأخيرة لتفهم كل ما فاتك من صراعات نشأت داخل وتحت قبة البرلمان، تماما كالمسلسلات العربية.
***
الصراع متجدد أو نحن نعيد إنتاجه ثم نلعب ديموقراطيا بموجب معطياته هو السبب الرئيسي في تعطل كل شيء وتخلفنا في أشياء كثيرة، وحتى ننتهي من هذا ونخرج من دوامة الصراع لا شيء أمامنا سوى أن نراهن على وعي الشعب، فمتى ما فهم الغالبية مَن يقاتل مَن بأدواتنا الديموقراطية ومن يتحالف مع من ومَن يلعب لصالح مَن، بعدها ستتقلص هذه الصراعات عندما يكتشف رجل الشارع البسيط مَن يحرك من ومَن سيد الدمى في كل طرف.