لقاحات «كورونا».. سفينة نوح – بقلم : حمد الحسن
العودة للحياة الطبيعية تحتاج إلى عمل جماعي، ومع ارتفاع الموجة الثانية من جائحة كورونا وظهور السلالات الجديدة من فيروس كوفيد-19 السريعة الانتشار، أصبحت المسؤولية مضاعفة علينا للتعاون والالتزام ضمن حراك عالمي لكبح جماح هذا الوحش، ومنعه من التحور لسلالات قد تكون أكثر شراسة ويصعب احتوائها، مما سيكلف المزيد من الخسائر بالأرواح والأرزاق.
يجب أن يعلم الجميع بوضوح أن الفيروسات لا تتحور إلا إذا تكاثرت. فإذا التزمنا بالاشتراطات الصحية وفي ذات الوقت تعاوننا لبلوغ نسبة تطعيم بين 70 و85% سنستطيع الوصول «لمناعة القطيع»، وبالتالي إبقاء حركة الفيروس بطيئة وتصعيب حدوث الطفرات.
هناك أكثر من 200 لقاح يتم تجربتها عالميا لمحاربة فيروس كوفيد-19، وبعض منها التي تم اعتمادها للاستخدام الطارئ لايزال الكثيرون للآن بين رافض ومتردد لأخذها.
وكمختص في مجال الصيدلة أتفهم ذلك، لكن الواجب العلمي يقتضي شرح مأمونية هذه اللقاحات وفعاليتها بكل مهنية بناء على مصادر معتمدة موثوقة تحدث معلوماتها بواسطة خبراء مختصين وبانتظام.
اكتشاف هذه اللقاحات هو جهد خارق لم نر مثله بعصرنا الحديث من خلال ضخ أموال بالمليارات في تجاربه، وبتعاون مشترك بين شركات وجامعات ومختبرات معتبرة في جميع قارات العالم.
مما يدحض بطريقة علمية ورسمية كل نظريات المؤامرة، ويفضح المعلومات المضللة والشائعات التي انتشرت بوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي كالادعاء أنها ستغير الحمض النووي الخاص بنا أو ستؤدي إلى برمجة عقلية لدماغ المتلقي.. الخ من الترهات.
ويبقى الجواب الفصل يكمن في تحليل مكونات جميع اللقاحات والتي لا تدل بأي شكل من الأشكال على ذلك.
بالمقابل، فالقول إنها لقاحات حديثة يجب التيقن منها أمر مبرر. إلا أن الحقيقة العلمية المعروفة لأبناء المجال الدوائي هي أن التكنولوجيا المستخدمة في اكتشاف وتطوير هذه اللقاحات ليست بالجديدة، وما استجد كان عمليات من التعديل الضروري كون الفيروس المستهدف هو أيضا حديث النشأة ويجب استهدافه بذاته.
وتبقى هذه اللقاحات قاطبة تعلم أنظمتنا المناعية كيفية التعرف على الفيروس المسبب لـكوفيد-19 ومكافحته بأمان، لكن بأساليب متعددة تعتمد بشكل كلي على استخدام كل أو بعض من الفيروس غير الضار.
وإن كان هناك خوف من الأعراض الجانبية، فالقاعدة الذهبية بالنسبة للأدوية تقول «لا يوجد شيء اسمه آمن بنسبة 100%»، وحتى الأدوية التي نتناولها بدون تفكير (مثل البنادول) بها مخاطر.
فآثار جانبية خفيفة مثل ارتفاع الحرارة والصداع وآلام العضلات والحساسية خصوصا في مكان الوخز هي أمور تحدث عند استخدام جميع اللقاحات التقليدية مما يدل على ابتداء مفعولها.
أما لكون هذه اللقاحات جديدة فمن الصعب جدا الحديث عن الآثار الجانبية طويلة الأمد، ودائما ما يضع العلماء احتمال ظهور آثار جانبية نادرة عندما يتم تطعيم ملايين الأشخاص.
وبالتأكيد، إذا كانت هناك عواقب خطيرة للغاية وشائعة لهذا التطعيم، فلابد أن تكون واضحة ولا يمكن إخفاؤها.
نؤكد ختاما أن اللقاحات التي تم اعتمادها للتطعيم بالكويت للآن (فايزر واكسفورد) تتمتع بدرجة عالية جدا من الأمان وإن اختلفت نسبة الفعالية على الأفراد من لقاح إلى آخر، فتوكلوا على الله واركبوا معنا سفينة التطعيم بطمأنينة مع التزام الجميع بالاشتراطات الصحية حتى نرسو على بر الأمان.