محمد العسعوسي: الهجرة النشطة من المناطق المجاورة أثرت إيجابًا في الثقافة الكويتية
الكويت – النخبة:
قال الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب محمد العسعوسي ان حركة الهجرة النشطة من المناطق المجاورة اثرت ايجابا في الحركة الثقافية الكويتية.
جاء ذلك في كلمة القاها العسعوسي اليوم الاثنين في كلمة افتتاح الندوة الرئيسية للدورة ال24 من مهرجان القرين الثقافي بعنوان (اقتصاديات الثقافة العربية ودور الكويت الثقافي في تنمية المعرفة) وتشمل خمس جلسات على مدى يومين.
واضاف العسعوسي الذي افتتح الندوة بالإنابة عن امين عام المجلس علي اليوحة ان الندوة تسلط الضوء على قضية غاية في الأهمية وهي (اقتصاديات الثقافة).
وذكر ان عنوان الندوة يدعو الى مناقشة موضوعات باتت أقرب للتهميش والإهمال منها التخطيط الاستراتيجي والموازنة العامة ومدى ملامستها للمتطلبات اليومية وتحفيز القوى الفاعلة والمثقفة التي تساهم في إدارة شؤون الدولة وتشجيع القطاع الخاص للمساهمة في القضية الثقافية وتحويل الثقافة إلى صناعة وغيرها.
واعتبر أن الثقافة اليوم ليست مجرد مخصصات مالية تصرف على أنشطة وبرامج ترفيهية أو إقامة مهرجانات سنوية بل هي جهد عقلي وقرار سياسي وموازنة مالية مدروسة تهدف لبناء مجتمع يمتلك القدرة على التفاعل مع تطور المسألة الثقافية على مستوى يتخطى حدود الدولة الوطنية.
وقال إن المطلوب من التخطيط الاستراتيجي الثقافي تحقيق الانسجام مع التطور الدولي في مجال دعم الثقافة والذي أخذت فيه وكالات ومنظمات دولية وإقليمية المبادرة في تطوير وتقديم العون والمشورة لكثير من الدول وذلك بفضل الجهد الإنساني المتراكم في عالم الثقافة الواسع.
وأضاف “قدرنا في الكويت أن نكون منفتحين بفضل حركة الهجرة النشطة من المناطق المجاورة والتي بفضلها تشكلت الذهنية الكويتية التي وضعت المسألة الثقافية كعنوان بارز في مخاطبة الداخل والخارج وكانت سياسة دولة بما تعنيه الكلمة من معنى”.
وبين أنه في أحوال الشح المالي تكاتف أبناء هذا البلد لبناء مجتمع متحضر من خلال تشييد المدارس والأندية الثقافية والأدبية ودوائر الصحة والبلديات وفي أوقات الرخاء قامت الدولة بدورها التنموي كما هو مأمول فعرف الكويتيون بأنهم أهل الثقافة والفن والمعرفة.
وأوضح أنه من هذا المنطلق جاءت العناوين الجميلة التي عرفت بها دولة الكويت فمن المؤسسات ظهر المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ودور السينما والمسارح ومن المطبوعات الشهيرة مجلة العربي وسلاسل عالم المعرفة والمسرح العالمي وإبداعات عالمية والثقافة العالمية وعالم الفكر وجريدة فنون وغيرها.
وأكد أن ذلك كان ثمرة فهم واع لمسألة الثقافة ودورها في تهيئة المجتمع لمواجهة التغييرات المتسارعة في المحيط الإقليمي والعالم.
من جهته أشار المنسق العام للندوة الدكتور محمد الرميحي في كلمته إلى أن الندوة تناقش موضوعا له أهمية قصوى في التطور الإنساني وفي المستقبل العربي وفي دول الخليج.
وأكد أهمية الثقافة في التنمية في أي مجتمع والمقصود الثقافة الحية والحديثة العقلانية القائمة على أسس علمية تقود الى تنمية المجتمعات.
وبين ان القضايا الثقافية تحمل في مكان ما العدائية والمعارضة وفي مكان آخر تؤسس للانسجام النسبي والأمر يعود إلى توظيف المجتمع للعناصر الثقافية السائدة من استخدام سلبي او إيجابي.
وقال ان الثقافة لم تعد مجانية بل ان صراعا دوليا يجري اليوم حتى تكون الثقافة متاحة للجميع مبينا ان هناك تشريعا يدرس في الاتحاد الأوربي بأن تكون الأوراق العلمية الصادرة من مؤسسات الدول الأوربية البحثية متاحة للجميع.
وأوضح أن هذا التشريع يواجه صعوبات حتى الآن لأن المعرفة ثورة كما يرى البعض مشيرا الى بعض المعوقات منها انتشار وسائل التواصل الحديثة التي تفرض على الجيل أن يستغني عن القراءة الجادة والكتاب المفيد ببضعة أسطر وتقلل من التواصل الإنساني الطبيعي واستبداله للحديث مع الأجهزة أو من خلالها.
وجاءت الجلسة الأولى من الندوة بعنوان (الثقافة والاقتصاد في الدول العربية بين القطاع العام والخاص) وأدارها الدكتور حمد الضوياني من سلطنة عمان وتحدث فيها الدكتور فهد الحارثي من السعودية والدكتور هيثم الحاج من مصر وفالح الهاجري من قطر.
وبين الحارثي أن الاقتصاد هو عصب التنمية وعمودها الرئيسي وفي المقابل فإن من الصعب الحديث عن الثقافة بعيدا عن مشروع التنمية وبالتالي بمعزل عن الاقتصاد فقدر الثقافة خدمة التنمية.
وأوضح انه لا يمكن للثقافة في مفهوماتها الجديدة أن تزدهر وتحقق طموحاتها وتطلعاتها وتواكب عصرها وتواجه تحدياته وتنخرط في غواياته في ظل وجود اقتصاد ضعيف أو مشلول.
من جهته، قال الدكتور الحاج ان الدساتير العربية تؤكد في نصوصها التي تتعلق بالثقافة على فكرة نبيلة في جوهرها فحواها أن الثقافة خدمة تحتاج إلى كامل رعاية الدول والأنظمة.
وأوضح أنه من الملاحظ في الدساتير بشكل عام أن فكرة الكفالة والرعاية هي السائدة وهي الفكرة التي تجعل من المنتج الثقافي قاصرا يستحق رعاية الدول وهو الأمر الذي تتحكم فيه ظروف كثيرة منها الاجتماعي والسياسي والتاريخي والاقتصادي عبر عصور ممتدة.
من جانبه قال الهاجري إن العديد من البلدان العربية شهدت في السنوات الأخيرة توجها لافتا نحو تنويع مصادرها الاقتصادية والدفع قدما بفكرة الاقتصادات البديلة في ظل تراجع جدوى الاعتماد الكامل على المصادر الطبيعية للاقتصاد التقليدي.
وقال إن الاقتصاد المعرفي يقوم على الفكر والإبداع مشيرا الى ان دولة قطر وضعت رؤيتها الاستراتيجية للعام 2030 التي تقوم على توطيد ركائز اقتصاد المعرفة في البلاد وفي جميع أشكال علاقاتها الخارجية.
وأوضح أنه في أقل من عقد من الزمن ارتفعت وتيرة اهتمام بلاده بمقومات اقتصاد المعرفة حتى أصبحت قطر مجالا رحبا لأهم الفعاليات الثقافية والجوائز الإبداعية والمشاريع التنموية الفكرية ومحطة استقبال لكثير من الجامعات والمؤسسات الأكاديمية والمبدعين والباحثين.
وأشار الى بناء المؤسسات الوطنية الثقافية والبحثية والإعلامية التي أخذت تتبوأ الصدارة في المؤشرات التي يضعها البنك الدولي والأمم المتحدة في تقييم أداء اقتصاديات المعرفة ونموها العالمي.
وتناقش الجلسة الثانية من الندوة اليوم دور الهيئات الثقافية الرسمية وشبه الرسمية والخاصة في نشر الثقافة أما الجلسة الثالثة مساء اليوم فتناقش مجال واقتصاديات الثقافة الالكترونية (النشر الرقمي) في الدول العربية مقارنة ببعض مناطق العالم.
ومن المقرر أن تستكمل الندوة غدا بجلستين رابعة وخامسة تحمل الرابعة عنوان (هل الثقافة سلعة أم خدمة مساعدة ترفد التنمية) أما الخامسة فتناقش دور الكويت الثقافي والتنويري في النصف الثاني من القرن ال20 حتى العشرية الثانية من القرن الـ21.