الحكومة تخنق الأعضاء «معاملاتيا» – بقلم : ذعار الرشيدي
منذ بداية مجلس الأمة الحالي ولا يخفى على المراقبين السياسيين أن أغلب أعضاء مجلس الأمة قد توقف تمرير معاملاتهم القانونية أو حتى تلك التي تتطلب تدخلا بسيطا من الوزراء، وزادت حدة قفل حنفية المعاملات للنواب إلى درجة غير مسبوقة منذ إعلان استجواب رئيس الحكومة والذي تم تقديمه قبل استقالتها بأيام.
***
شعار الحكومة وكما يبدو هو: «لا معاملات للنواب»، من الثابت قبلها في نزع تدخلات النواب في التعيينات هي نقل تجربة اختيار الطلبة الضباط في الحرس الوطني بالقرعة إلى الطلبة الضباط في الداخلية، ما نزع شيئا من قوة سلطة النواب، بل نزعها بالكامل وجعل النواب لا تدخل ولا توسط لهم لإدخال ابن دائرته أو ابن ناخبه المفضل، وفي هذه عدالة للأمانة لا أعتقد أن أحدا يعارض أو يعترض عليها.
***
الأمر الواضح هنا تماما أن الحكومة بدأت تحارب النواب في سر قوتهم وهي قدراتهم على تمرير المعاملات ونزع هذه الصفة السحرية التي كانت سبب قوة البعض منهم انتخابيا خاصة الموالين منهم للحكومة والذين كانت تستميلهم بهذا الأسلوب، أو المعارضين الذين كانت تتقي شرهم بتمرير معاملاتهم سواء نقل أو علاج بالخارج أو منصب لقريب او ناخب من الوزن الصوتي الثقيل.
***
المهم انه الآن لا معاملات تمرر للنواب إلا في أضيق الحدود الدنيا، وطبعا تراوحت ردات فعل الأعضاء بين الصمت لحين مرور سحابة الرفض الحكومية لمعاملاتهم وبين الخروج بنفس معارض حكومي أقوى، طبعا بعض النواب في الحالتين لا تهمه إذا فتحت الحكومة أو أغلقت باب تمرير المعاملات لأنه معارض.. معارض.. معارض، وهؤلاء عددهم الفعلي لا يزيد على 8 أعضاء وهم إما إصلاحي حقيقي أو معارض سياسي وشتان بين الاثنين.
***
الحكومة تراهن على أنها بهذا الأسلوب الجديد ستتحكم بالمجلس وستزيد من مساحة الموالين لها في وقت قياسي، وهو أسلوب قد ينفع على المدى القصير ويكشف غث المواقف من سمينها، ولكنه على المدى الطويل ربما يحيل الموالي إلى متقلب على المدى الطويل، بل ربما إلى معارض غير مأمون الاستجواب، وسيكون أشبه بمدفع رشاش سياسي غير موجه، إذ الحل الوحيد أمامه سيكون ضرب الحكومة بحثا عن مخرج أمام ناخبيه بل وكسب قواعد جديدة.
***
من نتائج قفل باب المعاملات على النواب هو تأييد أكبر منهم عند تقديم أي استجواب لأي وزير حتى ولو كان استجواب وزير الصحة عن مناهج وزارة التربية، وستكون الحكومة معرضة للتضعضع مجددا، وسترحل أسرع من الحكومة السابقة.
***
الحكومة يبدو أنها تريد قطع شعرة معاوية، معتقدة أنها بهذه القسوة على النواب ستفرض هيبتها، والحقيقة أنها بهذا الأسلوب ستكسب السيطرة ولكنها سيطرة مؤقتة، وستكون نتيجتها لاحقا وبالاً على أي حكومة قادمة وستخلق امتدادا للمعارضة بغير داع في وقت حرج سياسيا بالنسبة لها.
***
توضيح الواضح: نصيحة.. اتركوا الباب مفتوحا لا تقطعوا كل حبال مراكبكم.
***
توضيح الأوضح: هذا الأسلوب ربما كان سينجح في الثمانينيات أما وقد مر ومرر واستمر لأكثر من 30 عاما فإن آثاره الانسحابية ستعود على الحكومة بخسائر كثير.