أحمد الجارالله يكتب: إمارات المستقبل قادة تُصمِّم وتُنفذ
“المُستقبل ملكٌ لمن يتخيَّله ويُصمِّمه ويُنفِّذه”، بهذه العبارة اختصر رئيس حكومة الإمارات، حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد، دعوته إلى خلوة وزارية يترأسها مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد وتستمر يومين، يناقش خلالها المُجتعمون أولويات الدولة للخمسين عاماً المقبلة، وشكل الحكومة، وكيفية تسريع مسيرة التنمية، وتحسين بيئة الأعمال والاقتصاد، وذلك عبر سلسلة من الخطط والمبادرات لتهيئة “عقولنا، وحشد طاقاتنا، وتجهيز مؤسساتنا لما ستكون عليه الإمارات في الخمسين عاماً المقبلة”، كما قال الشيخ محمد بن راشد.
هذه هي الرؤية الثاقبة، وهؤلاء هم القادة الذين يبنون الدول، لأنهم يستشرفون المستقبل ويضعون الخطط الاستباقية التي تعيد ترتيب الأولويات لتحافظ على مسيرة تقدمها وتطورها، فلا تترك الأمور لنائب مُتمصلح، أو موظف أرشيف، أو خبير سياسي، لا يجيد غير الطبخ، وليس لديه مهاراتٌ أخرى تُميِّزه، فتوفير الحياة الأفضل للأجيال الجديدة هي مهمة القادة الأولى وهمهم الدائم؛ لأن ريادة الدولة عنوان نجاحهم.
حين تُطلق دولة الإمارات هذه المُبادرة فهي تستند إلى حصيلة عمل جاد من تهيئة البيئة المحلية استمرت منذ اليوم الأول لإعلان الاتحاد، بالوتيرة نفسها طوال خمسين عاماً لتبني عليها ما سيكون.
في العقد الأخير لم تقتصر عمليات التحديث في الإقليم على الإمارات، فهاهي السعودية التي أغرقتها بعض العقول الظلامية والهدّامة المُتشربة أفكار الإخوان المسلمين، وبعض الظلاميين بمستنقعات التخلف، نفضت غبار ذلك الإرث الكئيب من خلال قرار حازم للملك سلمان بن عبدالعزيز، وبهمة عالية على التنفيذ والدراسة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لتتبدل صورتها تماماً في غضون خمس سنوات، وتدخل عصر الريادة في الحداثة، اجتماعياً واقتصادياً، بعدما كادت في الماضي تخسر مساحة كبيرة من علاقاتها السياسية بسبب قرارات الظلاميين التي كانت محل انتقاد مستمر من المنظمات الدولية، إلا أنها اليوم أصبحت مضرب مثل في التطور الاقتصادي والمجتمعي، أقله على مستوى الشرق الأوسط.
كلُّ الدول التي ازدهرت عمل قادتُها على متابعة كل صغيرة وكبيرة بأنفسهم، ونظروا بعين الحكمة إلى المستقبل، ولم يتركوا أمورها للصُّدفة أو الآراء المبنية على رؤية أشخاص همهم الأساس الحفاظ على وظائفهم، وخوفهم من قول كلمة الحق التي تخدم الوطن والمواطن كي لا يخسروا امتيازاتهم الوظيفية، فإدارة الدول تحتاج إلى حنكة وفهم عميق للعبة الاقتصادية والسياسية، وكيفية استثمار كل شيء لخدمة المستقبل والأجيال القادمة، وليس الاعتماد على مستشارين إذا شعروا بعدم صوابية آرائهم رموا المسؤولية على غيرهم، وتملصوا من تبعاتها.
فيما تمضي الإمارات والسعودية وبعض دول الخليج نحو المستقبل بقرارات جريئة وخطوات ثابتة، ثمة دول عربية وخليجية تراوح مكانها، أو تتراجع؛ لأنها تركت الأمور لأنصاف المُتعلمين والمُوظفين البليدين، ومُدَّعي الخبرة الذين يتفننون، تخلفاً وجهلاً، بنحر أوطانهم، وحيال ذلك ليس لنا إلا أن نقول: الله يعين.