إشاعة المنحة – بقلم : ذعار الرشيدي
لسنوات طويلة وإشاعة منحة مالية خاصة لأي كويتي يولد يوم 25 فبراير مسيطرة على حديث أي مشهد بهذا الخصوص، ويتحدث البعض عنها كأنما هي أمر واقع حتمي، بل وكأن لها قانونا منظما وآلية صرف محددة، لا أذكر تفاصيل إشاعة تلك المنحة ولكن ما أذكره جيدا أن الإشاعة تقول إن المولود الكويتي في يوم 25 فبراير يمنح 100 دينار علاوة اجتماعية بدلا من 50 دينارا شهريا، وأتذكر أنه من ضمن الإشاعة كما تسري بين الناس انه يصرف لوالده مكافأة مالية مقطوعة لا أتذكر الرقم ولكن بحدود الـ 200 دينار أو شيء من هذا القبيل.
***
رأت ابنتي الوحيدة النور يوم 25 فبراير، ويومها اكتشفت الحقيقة أنه لا بدل علاوة أطفال مضاعف ولا مكافأة مقطوعة للأب تصرف له لمرة واحدة ولا أي شيء، مجرد يوم آخر ولدت به طفلة وانتهى الأمر بأنه صادف الاحتفال بيوم الاستقلال، لا فلوس ولا مكافأة حكومية لقدوم ابنتي في هذا اليوم ولا مراجعات خاصة أو مميزة بل حتى كلمة مبروك جاءت من الممرضات عادية جدا.
***
وسواء ولد الكويتي بيوم الاستقلال أو التحرير أو يوم ولادة الدستور، فالأمر سيان مجرد يوم ميلاد آخر، وكان علي أن أتعلم حقيقة تلك الإشاعة بخصوص مواليد 25 فبراير بطريقة أن أمرّ بالموقف نفسه لأكتشف أنه لا منحة ولا امتياز بشكل شخصي.
***
منذ 9 سنوات وإشاعات المنحة تضرب أوتار مشاعرنا مع اقتراب مناسبات الأعياد الوطنية، وارتبطت ذهنيا المنحة بتلك المناسبة بعقلية الشعب، رغم أن مصدر تلك الإشاعات هي الأماني التي يمني الناس أنفسهم بها، مجرد أمنيات ملقاة على رصيف تويتر وسناب وإنستغرام، أمنيات لا أكثر، ومن حق الناس أن تتمنى وأن تعلن عن أمانيها وأن تنشر تلك الأماني حتى وإن كانوا يعلمون يقينا أنها بعيدة المنال أو أنها لن تحدث، ولكنهم على أي حال يمنون أنفسهم بها بتغريدة على شكل أمنية عابرة أو توقع لا أساس له من المنطق أو حديث نفس أو نقاش مجموعة ألقت بتلك الأمنية في خضم نقاش تويتري عابر.
***
لا أحد يلوم الناس على إلقائهم أمنياتهم في بئر تويتر وغيره، وان يطلبوا منحة أو يتمنون منحة أو يفترضون توقع منحة، حتى ولو كان الأمر بسيطا أو محدودا في توقع حجم المبلغ، فهم متفائلون ويرون أن بلدهم لا تزال بخير اقتصاديا، رغم تشاؤم الاقتصاديين وعبث الحكومة بالمقدرات، ويرون رغم قتامة المشهد الاقتصادي أننا بخير وعندنا فلوس وأن هناك منحة ستأتي ولو كانت مجرد حديث أماني.
***
ولا تلوموا الناس في تكرارهم أمنية المنحة كل عام، فهم يرون هدرا ماليا قاتلا في الميزانية دون مردود منه على أرض الواقع، ويرون في الوقت ذاته تنفيعا فاضحا واضحا لطبقة محددة بالمليارات سنويا دون عدالة اجتماعية.
وأي شخص ينكر على الناس أمنيتهم بمنحة أو يعيب عليهم فهو إما حرامي أو مساعد حرامي.
***
توضيح الأوضح: هنا لا أعيب على الناس أن تتمنى، وبالعكس الأمنية بمنحة او غيرها حق للناس البسطاء، ولكن من يتلاعب بتلك الأمنيات ويبدأ بنشر أخبار كاذبة أو يدعي انه يمتلك معلومات عن منحة قريبة أو شيء قريب منها ويشيعها بين الناس فهذا شخص ساقط إنسانيا قبل أن يكون ساقط إعلاميا.