نزوح #الوافدين.. أزمة جديدة أم فرصة؟! ،،، بقلم / د. موضي عبدالعزيز الحمود
أشارت الصحف المحلية مؤخراً إلى تقرير وكالة التصنيف الائتماني العالمية (ستاندرز آند بورز غلوبل) إلى أن أسواق العمل الخليجية، خاصة في الكويت وسلطنة عمان، ستتأثر سلباً بنزوح العمالة الوافدة منها، بسبب التداعيات الاقتصادية لأزمة «كوفيد-١٩» مع تزامن انخفاض أسعار النفط وتأثيره على ميزانية الدول التي ستعاني من عجوزات متزايدة. وفي كلتا الدولتين سيكون القطاع الخاص هو المتضرر الأكبر من هذا النزوح، لزيادة الفجوة في المهارات والكم بين الوافدين والمواطنين الذين يقل إقبالهم في الأصل على القطاع الخاص. لا أحد ينكر دور العمالة الوافدة ومساهمتها في سوق العمل الكويتي، ولا يمكن أن نقلل من أثر نزوح هذه العمالة الذي سجلته أرقام الجهات المختصة بما يقارب ٨٤ ألفاً خلال ثلاثة أشهر فقط القبس.. وبما سيلقيه هذا النزوح من آثار سلبية على القطاعات الاقتصادية كافةً.. وربما قد يشكل تهديداً لاستمرار بعض الأعمال التي تحتاج لهذه المهارات.. ولكنه واقع يجب التكيف معه، وربما هو فرصة إذا نظرنا إلى الأمر من زاوية أخرى لإعمال بعض السياسات الحكومية لتعديل التركيبة السكانية، التي ظلت سراباً حتى هذه اللحظة، ونستذكر هنا إعلان رئيس مجلس الوزراء في مؤتمره الصحافي بتاريخ ٣ يونيو ٢٠٢٠ بعزم الحكومة على تعديل هذه التركيبة من %69 وافدين إلى %30 وافدين مقابل %70 مواطنين.. تنبأنا بصعوبة تحقيق ذلك، ولكن الأحداث واستمرار الجائحة قد تفرض واقعاً يجب الاستعداد له، خاصةً في مجتمعاتنا التي يشكل الشباب غالبية مواطنيها، وحيث تضخ مؤسسات التعليم العالي آلاف الخريجين إلى سوق العمل، وتتضاعف بينهم سنوياً طوابير الانتظار للحصول على الوظيفة.. كل ذلك بالطبع يحتاج إلى تدخلات وسياسات حكومية جادة لتوطين سوق العمل، حيث يصعب على القطاع الخاص جذب المواطنين في الوقت الذي تتزايد فيه الفجوة بين الأجور في هذا القطاع والقطاع الحكومي، خاصةً مع الكوادر المالية المرتفعة لبعض فئات العاملين في الحكومة. كما يصعب تحقيق التوازن المطلوب بسبب عدم نجاح الحكومة في تسويق «البديل الاستراتيجي» لفئات الأجور والرواتب، وعدم امتداد شبكات الأمان والضمان للمواطنين العاملين في القطاع الخاص، كما هو المعمول به في الدول المجاورة! ولنا الآن تجربة مع أصحاب المشاريع الصغيرة، الذين أصابت الأزمة مشاريعهم في مقتل ولا منقذ لهم حتى الآن. الفرصة التي أوجدتها الأزمة الصحية يجب حسن استثمارها لمواجهة الخلل البيّن في سوق العمل، وذلك بالتنسيق السريع بين المعنيين في أجهزة التعليم وديوان الخدمة وجهاز القوى العاملة، لرسم خرائط الإحلال ومتطلباتها من حوافز وتأهيل لطوابير المنتظرين من شباب الوطن.. ولعل في كل تهديد تكمن فرصة يجب استثمارها. ما بين اللاءات الثلاث احتارت الحكومة في أمرها بين «لا» لقانون الدين العام، الذي لن يوافق عليه المجلس، و«لا» لتوجه فرض الضرائب وزيادة الرسوم اللذين لن يقبلهما الشعب ولا نوابه، و«لا» كبيرة تردد صداها بين المختصين وعدد كبير من أبناء الشعب ونوابه لمشروع القانون الأخير للسحب من احتياطي الأجيال القادمة. هذه اللاءات تعكس الحاجة إلى حل أزمتنا الاقتصادية المستحكمة ليس بالسحب السريع من الاحتياطي، بل ببرنامجٍ متكاملٍ للإصلاح يقوم على أسس واضحة لترشيد النفقات، وإعادة هيكلة للهيئات والإدارات الحكومية المتضخمة، وإقرار البديل الاستراتيجي للكوادر المالية للوظائف الحكومية، وخلق فرص عمل جديدة للشباب، واسترداد ما تم الاستيلاء عليه من الأموال العامة، كل ذلك وفق برنامج زمني معلن تتوافق عليه السلطتان حتى يمكن أن ننقذ حاضرنا ومستقبل أجيالنا.. وكل عام والكويت وقيادتها وشعبها في أمن وأمان واستقرار.. والله الموفق.