ثلاثون عاماً مع وطن في أمير! – بقلم : محمد عبد المجيد
ما عشقت شيئا في حياتي مثلما عشقت الشجاعة فهي القيمة الكبرى في الحياة، وهي الفروسية المدعومة بالإيمان بالوطن.
تعجب الجنود الكويتيون في صباح يوم غدر جار الشمال وهم يشاهدون قائدهم، وزير الدفاع آنئذ صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، شامخا كالطود، ثابتا في أرض أجداده، كأن سموه وأديمها توأمان سياميان لا ينفصلان.
كان أشاوس الغدر يدنسون أرض الكويت الطاهرة، فتعليمات شيطان بغداد الظاهرة هي الضم للدولة الكبرى، والباطنة هي التدمير المغولي للجارة الصغيرة.
انتقلت شجاعة سمو الشيخ نواف الأحمد إلى الوطن كله في لمح البصر، فالشجاعة ليست بالكثرة، إنما بالروح التي لا يعرف أحد كنهها.
طوال سنوات تشرفي بعلاقة دافئة وجميلة مع سموه وأنا في كل مرة أرى جانبا مشرقا، كأن الديرة تلد كل يوم صفة جديدة لكي أتعرف عليها!
عام 1985 كان عام اقترابي من سموه حينما كان وزيرا للداخلية، وقد وضع أمن الكويت قبل أي شيء آخر.
في عام 1988 استقبلني سموه للمرة الأولى في وزارة الدفاع، وكنت سعيدا وأنا أطالع أحلام سموه في الاستقلالية وفي جيش كويتي مستقل وقوي على النسق السويسري.
وقطع العدوان العراقي حبل الحلم الكويتي مؤقتا في أوضع وأشرس وأخبث غزو بعدما طمأن الكويتيين أن أشاوس صدام لا يغدرون.
بإرادة من فولاذ، أعاد صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد قيادة تدريب وترتيب وإعداد جيشه الصغير في صحراء الشقيقة السعودية، واعداً إياهم بالعودة العاجلة لتحرير الوطن، وبمساعدة الأصدقاء.
كلما تولى سموه منصبا أعاد اكتشاف نقاط القوة في المنصب من أجل الكويت، ففي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ظهر لسموه وجه إنساني عاطفي مشوب بحسم وحزم.
وفي الحرس الوطني كان سموه دينامو هذا الجهاز الوطني الرائع، فأعاد الثقة بجنود الحرس الوطني، وأرسل كثيرين للتدريب والتعلم، واشترى لهم أفضل الأسلحة، حينما كان سموه نائب رئيس الحرس الوطني.
وفي فبراير 2006 غمرت الكويت كلها الفرحة عندما وافقت بالإجماع، وبثقة المغفور له بإذن الله سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد وكل أعضاء مجلس الأمة على تولية سموه ولياً للعهد.
وبعد سنوات ومع كل الحزن لغياب سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، طيب الله ثراه، جاءت الثقة الثانية المتوقعة بأن أصبح سمو الشيخ نواف الأحمد أميرا لدولة للكويت، كأن القدر أراد أن يرسل لمن غدروا بالديرة رسالة بطول ثلاثين عاما بدأت في وزارة الدفاع عام 1990، وختمها بفرحة الكويتيين بأميرهم الذي حمل لهم التفاؤل في مستقبل مشرق بإذن الله.
لم أخف في 36 عاما تشرفت خلالها بمعرفة صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد أنني رغم محبتي للكثيرين من أصدقائي في الكويت، وأخص بالذكر آل الصباح الكرام، صمام الأمان، أن سمو الشيخ نواف الأحمد كان الأقرب لي، وظل سموه طوال تلك الأعوام حاملا لي الأمل في كويت حرة ومستقلة وقوية وديمقراطية.
بمناسبة ثلاثين عاماً على تحرير الكويت من الأقدام الهمجية، أبعث تهنئتي القلبية إلى صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، ولو أنها تهنئة متأخرة ثلاثة عقود، لكنها متقدمة في المحبة أضعافها.
حفظ الله الكويت وأهلها وآل الصباح الكرام ووافديها الأوفياء.