الضبط والإحضار وخدمة التوصيل بالمجان – بقلم : محمود علي رشيد
سجلت وزارة العدل في دولة الكويت أوامر الضبط والإحضار بعدد يفوق ربع مليون بين مواطن ووافد، وما يزيد على 200 ألف مواطن ومواطنة سجلت بحقهم أوامر الضبط والإحضار ومنع السفر، وهذه الإحصائية غير دقيقة، حيث إنه لا توجد معلومات معلنة للذين سجلت بحقهم هذه الأوامر كونها سرية من قبل وزارة العدل ووزارة الداخلية.
وما يقارب نسبة 90% من هذه الأعداد تعود لقضايا مالية تبدأ من مبالغ صغيرة جدا قد تكون أقل من 20 دينارا، وبعضها يصل إلى آلاف الدنانير، وأغلبية هذه القضايا لشركات الاتصالات أو قروض استهلاكية أو قضايا فردية أو على أصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة من إيجارات أو حقوق عمالية وغيرها من القضايا المالية والتي تعتبر قضايا غير جنائية.
والشاهد من ذلك تقوم وزارة الداخلية مشكورة بضبط هؤلاء المواطنين في مواقع مختلفة قد تكون بحادث أو تفتيش اعتيادي، والأمر الجميل في ذلك عند التأكد من وجود اسمك ضمن أوامر الضبط، تتغير المعاملة معك وكأنك هارب من العدالة، ويؤخذ بك إلى منحنى آخر من التعامل لأنك في نظر القانون أنت مطلوب لأحكام قضائية.
ويقوم العسكري الذي يؤدي وظيفته طبعا بالتفتيش الذاتي، ويأخذ كل ما لديك حتى هاتفك الشخصي ومحفظتك، وتفتيش سيارتك، ويقوم بحجز سيارتك إلى أقرب مخفر لمكان الضبط، ومن ثم يبدأ الأكشن والذي ليس على البال باقتيادك إلى المبنى الجميل في إدارة التنفيذ بمنطقة الصليبية، وفي هذا المكان طبعا لا توجد أي اشتراطات صحية، والجميع غير ملتزم بلبس الكمامات وفي غالب الأمر الجميع يقوم بالتدخين دون المراعاة للأحوال الصحية للشخص المقتاد لهذا المكان اللطيف.
والغريب في الأمر أن الإجراءات لا تسمح لك بالاتصال بأي شخص لتبلغهم أنك محجوز على قضية ما إلا عند وصولك في مقر مبنى إدارة التنفيذ.
قد لا تعرف ما هي قضيتك أو الحكم الصادر بحقك، لان وزارة العدل باختصار قامت باسترجاع جميع الأحكام الصادرة التي لم تنفذ إلى أجهزة وزارة الداخلية حتى لو كانت منذ 20 سنة.
وإن كنت محظوظا بوصولك للمكان اللطيف وكان قاضي التنفيذ موجودا فأنت في ألطف حال، ما عليك سوى أن تعرف تهمتك من قبل القاضي إن كنت تود تقسيط المبلغ، وفي حقيقة الأمر وغالبا يكون القاضي ودودا معك، وعلى سبيل المثال إن كانت تهمتك المالية بقيمة ألف دينار سيخيرك إذا باستطاعتك دفع 100 دينار دفعة من الحساب والباقي يقسط إلى 20 دينارا شهريا.
وينتهي الأمر بعد أن يقوم أحد أقربائك أو صديق لك بدفع المبلع في أقرب مكان لدى وزارة العدل وعادة يكون بفرع مطار الكويت الدولي، وبعد ذلك تخرج على الفور.
وإذا كان حظك سيئا وتم وصولك لمبنى تنفيذ الأحكام بعد انتهاء القاضي المناوب من عمله، وليس باستطاعتك دفع المبلغ كاملا، فستضطر للبقاء في الحجز إلى اليوم الثاني.
وان كنت ترغب في دفع المبلغ كاملا فما عليك سوى أن يذهب من ينوب عنك إلى المطار ودفع كامل المبلغ وسيفرج عنك بالحال ولا داعي حتى الدخول إلى قاضي التنفيذ.
بلا شك ان التجربة مؤلمة جدا، خاصة أنك غير معتاد على مثل هذه التجربة المريرة وأنت مقتاد بسيارة الشرطة وكأنك في «زفة عرسك».
وحتى تتفادى هذه «البهذلة»، يجب أن تراجع وزارة العدل باستمرار، وقم بدفع ما هو عليك أو ادخل على قاضي التنفيذ وقسط المبلغ قبل اقتيادك من قبل رجال الداخلية، لأن الاجراءات لا تعرف إن كنت صغيرا أو كبيرا أو رجلا أو امرأة.
السؤال هنا: لماذا تقوم وزارة العدل بأمر الضبط والإحضار؟ ولماذا تقوم وزارة الداخلية بتنفيذ هذا الضبط؟ كون العلاقة بين طرفين متخاصمين ماليا، ما الحاجة لأن تقوم الدولة بإدخال نفسها كطرف ثالث وتقوم بخدمة التوصيل بالمجان لأحد الطرفين؟
وإذا كان أحد الطرفين لا يستطيع الدفع، فلماذا تقوم الدولة بزج المتهم بالسجن وتقوم باستضافته والإنفاق عليه ماديا وهو داخل الحبس من مأكل ومشرب وقد يكون لشهور طويلة أو لسنوات لمجرد قضايا مالية ليس للدولة طرف بها، ألا توجد حلول أخرى؟!
أعضاء مجلس الأمة، ألا ترون أن هذه قضية مهمة يجب حلها؟ أليس هؤلاء كويتيين، وأن العدد لا يستهان به، وقد تكون أنت من ضمن ضحايا هذه المصيبة أو والدك ووالدتك أو ابنك وأخوك وأختك؟!
الشق عود.