في جنوب السودان.. مهر ابنة الرئيس 500 بقرة
عادات وتقاليد وطقوس فريدة تتبعها قبائل دولة جنوب السودان في الزواج، على رأسها تقديم أعداد كبيرة من الأبقار كمهر لإتمام العرس، ما جعلها ذات أهمية اقتصادية كبرى ليس فقط للمواطنين هناك، بل أيضا اقتصاد للدولة نفسها.
وهذه العادات الطقوس الخاصة تسبب في ارتفاع أعداد الأبقار الموجودة في دولة جنوب السودان لتزيد عن أعداد المواطنين، إذ تمتلك أكثر من 30 مليون رأس من الأبقار والأغنام، وهو العدد الذي يزيد عن عدد سكان الدولة.
ويصل المهر في بعض الأحيان إلى 600 بقرة بينما العدد الطبيعي الذي يُقدم لأهل العروس يتراوح ما بين 50 إلى 300 بقرة، حسب ما قال بعض المتخصصين من دولة جنوب السودان، مشيرين إلى أن هذه العادات ما زالت موجودة وبقوة في عدة قبائل كبرى، خاصة الدينكا والنوير.
وقال سانتو جال دوت، رئيس مؤسسة ساوث سودان ميديا وسفير الشباب الإفريقي، إن تقديم الأبقار كمهر هي عادة متوارثة من الأجداد، مشيرا إلى أن المهر يزيد أو يقل حسب معايير محددة لجمال المرأة على رأسها طولها، وأن المتوسط هو دفع عدد يتراوح من 50 إلى 200 بقرة، لكن البعض يدفع 400 أو 500 بقرة كنوع من الافتخار وإظهار القدرة المادية.
الدينكا والنوير
وأوضح في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن هناك بعض القبائل ما زالت متمسكة بصورة كاملة بهذه العادات، خاصة من أعالى النيل وحتى بحر الغزال وهم قبائل الدينكا والنوير والأنواك، مشددا على أن هذه العادات ربما انخفضت بعض الشيء بين المتعلمين خارج البلاد، إذ يتم حساب ثمن الأبقار ودفعها نقديا.
وأثرت الحرب التي شهدتها جنوب السودان بداية من عام 2013 على وضع الأبقار أيضا، فحسب سانتو كان أي منزل في جنوب السودان يحتوي على 500 بقرة، بينما بعد الحرب انخفضت هذه الأعداد، بل ولم تعد موجودة في كثير من منازل العاصمة جوبا والمدن القريبة منها، مضيفا أن هناك صراعات على الأبقار تقع الآن في ولاية غرب بحر الغزال وأعالي النيل بين القبائل.
500 بقرة مهر ابنة الرئيس سلفا كير
وقبل أيام، دفع رجل الأعمال كور أجينق أتر، 500 رأس من الأبقار كمهر لابنة الرئيس سلفاكير ميارديت، لإتمام مراسم الزواج التقليدي بمنطقة “أكون”.
إلى ذلك، قال بطرس ماركو، ممثل وفنان جنوب سوداني، إنها أصبحت السلعة الأكثر أهمية، فالزواج في جنوب السودان لا يتم بدون البقر، موضحا أن البقر في جنوب السودان يعد من أهم بنود الزواج، فهو مهر من العريس للعروسة وبكميات تصل إلى 150 بقرة، ما جعل البقر ذو أهمية اقتصادية كبيرة وانتشار واسع.
وهناك اختلاف طفيف في عادات الزواج وكذلك معايير الجمال بين القبائل الجنوبية، حسب ماركو، موضحا أن قبيلة الدينكا الفتاة الطويلة هي الأجمل وتستحق مهر أغلى، بينما عند بعض القبائل الأخرى تعتبر الفتاة الطويلة الممتلئة هى الأجمل، موضحا أن المهر أيضا يختلف من قبيلة لأخرى فهناك قبائل تقبل البقر مهرا وقبائل أخرى بالبقر والماعز.
ويبدأ المهر عند قبائل الدينكا من ١٥٠ بقرة فما فوق، بينما قبائل مثل الشلك في أعالي النيل هناك طقس شهير يعرف بـ “شام ريج” أو أكل السمك وفي هذه المناسبة تتناول الأسرتين وجبة سمك، وعند قبائل الدينكا لا يتناول أي من الأسرتين الطعام أو أي شئ في منزل الآخر لحين أداء طقس معين.
سرقة الفتاة من أهلها
“أقوم مارويل”، وهي معلمة من دولة جنوب السودان، أشارت إلى الزواج عندنا يختلف من قبيلة لقبيلة في جنوب السودان التي يوجد بها 64 قبيلة، موضحة أن الزواج عند القبائل النيلية وهي القبائل الرعوية وهم الدينكا والنوير والشلك يكون بالابقار، أما القبائل الاستوائية بعض منهم بالأبقار كقبيلة المنداري وبعض منهم بالمواشي كالغنم والماعز.
وهناك 3 طرق للزواج حسب أقوم، الأولى هي زواج الحب وهو ارتباط بين الطرفين، والثانية هي زواج النسب بين الأسر، والثالثة هي زواج السرقة وهو عندما يتقدم العريس ويُرفض ما يدفعه للجوء إلى سرقة البنت من أهلها، موضحة أن مراسم الزواج تختلف أيضا من قبيلة لأخرى، فعند قبيلة الدينكا عندما يرغب شخص الزواج يزور العائلة ولا يشرب ماء أو أي شيء يقدم وعندها إذا تكررت الزيارة تأكد أن هذا الشاب يرغب في أن يناسب تلك الأسرة.
الطول وبياض الأسنان واللثة والتعليم.. أبرز محددات جمال المرأة
وتوضح أقوم أن المهر يختلف حسب جمال البنت والطول والتعليم، إذ يحدد مقدار الجمال بالأسنان ناصعة البياض واللثة السوداء والداكنة والطول، وأيضا زواج البنت الكبرى يختلف من زواج البنت الوسطى أو الصغرى كل واحدة لها مراسم مختلفة عن الأخرى، فالفتاة الكبرى تعتبر فرحة الأسرة، بينما زواج الوسطى هو أمر طبيعي، لكن الصغرى يُعطى جزءا من أبقار زواجها لوالدتها لأنها “آخر العنقود”.
وإذا تقدم عريس للأخت الصغرى، ولم تكن الكبرى لم تتزوج بعد، يجب على العريس تكريم الأخت الكبرى ببقرة حتى يتم العرس أو ينتظر أن يتم زواج البنت الكبرى حتى يأخذ موافقة زواج البنت الصغرى.
مراسم الزواج
وحول مراسم الزواج بعد موافقة أهل العروسين، فإن أولى هذه المراسم هو إعطاء المهر بالبقر والمحدد ويزين الثور بالسكسك -يشبه العقد حول الرقبة-، ويسلم لأهل العروس بالزغاريد والأغاني والرقصات الشعبية، والجزء الثاني تبادل الهدايا إذا التزم العريس بدفع كل المهر يتم إرجاع قصاد كل عشرة بقر بقرة، والجزء الثالث الهدايا، وهي تمثل ترابط الأسرتين مع بعضهم البعض، إذ تقوم أم العروس بإعطاء أم العريس هدية، وخالة العروس وخالة العريس تتبادلا الهداية، وغيرهم، وأخيرا الطعام.
وآخر مرحلة من مراسم الزواج، هو تسليم العروسة وتزيينها بحسب زي قبيلتها في القرى، حيث إنها تُزين بالسكسك وإكسسوارات مصنوعة من سن الفيل، ويتم تقديمها إلى بيتها ومعها رفيقاتها وترفض صديقاتها تسليها إلى عريسها بعد دفع بقرة لإنزال العروس ثم يذهبن ويتركون معها وزيرتها التي ترافقها لكي تخدمها لفترة من أسبوع أو شهر.
وتبلغ سعر البقرة في جنوب السودان حسب أقوم نحو 200 دولار للبقرة الأنثى و300 دولار قيمة الثور.