كل الطرق تؤدي إلى كورونا! – بقلم : جاسم الحمر
يقول المفكر والفيلسوف السياسي ميكافيلي مؤلف كتاب الأمير «الغاية تبرر الوسيلة»، ومر علينا الآن عام كامل والسلطات الصحية تتخذ قرارات متعددة لا نجد لها تفسيرا أحيانا في تعاملها مع أزمة كورونا، فهل هنا استقرار ومصلحة الدولة تبرر اتخاذ أي قرارات حتى لو لم تكن مقنعة؟
التأييد الشعبي المطلق لأداء السلطات الصحية المعنية بقانون رقم 8 لسنة 1969 بالاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض السارية جاء بصلاحيات استثنائية لوزير الصحة بالحظر ومنع التجول وعزل المناطق والتطعيم الإجباري ومعاونة وزارة الداخلية لفرض هيبة القانون لمنع الوباء، وتفشي وباء كورونا يخضع لها، حيث كانت الخطوات الأولى كـ«القشة» التي تمسكنا بها ووثقنا بكل الجهود التي نشاهدها بكافة المراحل التي أعلنتها الحكومة رسميا ومن تدرج للحد من انتشار الوباء والسيطرة عليه حتى الوصول إلى مرحلة الحياة الطبيعية.
ولكن بعد مرور سنة كاملة وإصدار العديد من القرارات التي أعطت الكثير من المؤشرات القابلة للقياس وأثارت الرأي العام وسببت تراجعا لتأييد ما تتخذه السلطات الصحية من فرض حظر جزئي أو كلي ومنع أنشطة والسماح لأخرى واختلاف إجراءات التعامل مع القادمين للكويت من الخارج أو منعهم وتباين إجراءات الحجر كذلك مع المواطنين أيضا واستثناء حالات أخرى، وإغلاق ستاد جابر لإجراء المسحات وعدم توافر مواعيد بما تبقى من مراكز أخرى للفحص.
تقبل الناس في البداية حجر حريتهم والالتزام بالبقاء بالمنزل واتخاذ التدابير الوقائية ولكن بالتأكيد هنالك من يخالف القرارات إما لجهلهم أو الاستهانة بالظروف الاستثنائية وبتعمد ولم يجدوا لهم رادعا من عدم الالتزام بارتداء الكمامات أو إجراء التجمعات والمناسبات رغم تشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ الاشتراطات الصحية التي لم نشهدها إلا على بعض المحلات والمجمعات التجارية.
عندما تشاهد الحكومة زيادة حالات الإصابة وحالات الوفيات وزيادة في نسبة إشغال غرف العناية المركزة يجب أن يقابل ذلك المبررات المقنعة، لا أن تخرج لنا فقط لتعلن عن وجوب الالتزام والتقيد بالاشتراطات الصحية، فتذكر على سبيل المثال لقد اتخذنا قرارا سابقا بإغلاق الأندية الصحية وصالونات الحلاق ورغم ذلك لم تقل الأرقام لذلك نتراجع عن القرار ونعوض المتضررين من إغلاق أنشطتهم.
الشفافية أيضا مطلوبة بإعلان عدد المصابين وإيضاح إذا كانوا مواطنين مثلا مجموعة مصابة بسبب تجمع عائلي أو مناسبة أو موظفين في مكان العمل، ليطلع المجتمع على مكامن الخلل والسبب في زيادة الإصابات كما كانت تفعل السلطات الصحية في بداية الأزمة من تقسيم الجنسيات والمناطق ومصدر كل إصابة قادمة من خارج البلاد او الداخل والمخالطين لها، لذلك كانت نسبة الثقة والرضا عن التعامل مع الأزمة وقرارات السلطات الصحية أعلى بكثير من الوقت الحاضر.
نعم كل دول العالم تتعامل مع نفس الجائحة والظروف بمجتمعات مختلفة، وشاهدنا كثيرا من الاعتراضات الشعبية على قرارات الحظر والمنع فيها ولكن في النهاية التعامل العلمي بالأرقام والحقائق بالقرارات المدروسة من كافة الجوانب كفيل بامتصاص الغضب وأكثر إقناعا بإعلان الحقائق على تقليص أثر الوباء وصحة القرارات من عدمه.
أتمنى ألا تكون بعض القرارات سياسية أو حلولا للمشاكل الاقتصادية على حساب المخاطرة بالأزمة الصحية.
٭ بالمختصر: من الخطأ أن تتعامل مع المشاكل بنفس الأسلوب والخطوات وتنتظر نتائج مختلفة فتصبح كل الطرق تؤدي إلى كورونا.
٭ رسالة: إلى الجيش الأبيض من الكوادر الطبية لكم كل الشكر والتقدير لجهودكم المتواصلة لعام كامل حفاظا على سلامتنا وأرواحنا دون راحة، دمتم بخير.